تقييم المخاطر عبر قانون الخدمات الرقمية

شكل الفضاء الرقمي في ظل الانتشار الواسع لمنصات التواصل الاجتماعي، خطرا كبيرا على المجتمعات، ما دعا دولا عالمية لمواجهته ومنها دول الاتحاد الأوروبي التي بادرت إلى وضع قانون لحماية مجتمعاتها، فأقرت في تشرين الثاني الماضي، قانون الخدمات الرقمية (DSA)، وبدأت منذ مطلع آب الحالي تنفيذ أول تمرين لتقييم المخاطر السنوي.
القانون الجديد يتيح تقليل ووقف المحتوى غير القانوني عبر الفضاء الرقمي، ويحظر الإعلانات عبر الإنترنت التي تستهدف الأطفال وتستخدم فئات خاصة من البيانات الشخصية، مثل العرق والآراء السياسية، كما أنه يضبط التجاوزات التي تتم عبر الإنترنت وتتسبب بضرر اجتماعي كبير، إضافة إلى حماية المستهلكين عبر الإنترنت وضمان حقوقهم الأساسية.
وبحسب القانون، فإن المنصات الكبيرة جدا على الإنترنت تشكل مخاطر خاصة في نشر المحتوى غير القانوني وتخلق أضرارا بالمجتمع، إذ وضعت قواعد محددة للمنصات التي تصل إلى أكثر من 10 بالمئة من مستخدميها في دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم نحو 450 مليون شخص.
وحددت دول الاتحاد بحسب القانون الذي أصبح ساري المفعول منذ إقراره، مدة 3 أشهر أولية أمام كل المنصات العاملة عبر الإنترنت للإبلاغ عن عدد المستخدمين النشطين على مواقعهم الاجتماعية، ما مكن اللجنة الخاصة بالقانون في الاتحاد من تقييم ما إذا كانت هذه المنصات تصنف على أنها منصات ومحركات بحث “كبيرة جدا”.
عادت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) للقانون الأوروبي ووجدت أن الهدف الرئيس له هو تنظيم عمل الفضاء الرقمي وحماية المستخدمين من المحتوى غير القانوني والأخبار المضللة والكاذبة، وإلزام شركات التواصل الاجتماعي والمنصات العاملة عبر الإنترنت من ضبط التجاوزات التي تتم من قبل المستخدمين عليها وتتسبب بضرر اجتماعي كبير.
واضعو القانون الأوروبي قالوا إنه يستند إلى عدة قواعد منها: تعزيز الابتكار والنمو والقدرة على التنافسية، وتسهيل توسيع نطاق المنصات الأصغر والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، بما يحقق الموازنة بين مسؤوليات المستخدمين والمنصات والسلطات العامة وفقا للقيم الأوروبية، مع وضع المواطنين في المركز، وصولا إلى حماية أفضل للمستهلكين وحقوقهم الأساسية عبر الإنترنت، وتحقيق الشفافية وإيجاد إطار واضح لمساءلة منصات الإنترنت، وتعزيز الابتكار والنمو والقدرة التنافسية داخل السوق الموحدة.
وحدد القانون فوائد خاصة للمواطنين يسعى لتحقيقها وهي: حماية أفضل للحقوق الأساسية، وتوفير خيارات أكثر وأسعار أقل، وتعرض أقل للمحتوى غير القانوني، فيما وضع قواعد لمقدمي الخدمات الرقمية ومستخدمي الأعمال فيها، منها: اليقين القانوني، والمواءمة وخيارات أكثر وأسعار أقل، والوصول إلى الأسواق على مستوى الاتحاد الأوروبي من خلال المنصات، وتكافؤ الفرص ضد مقدمي المحتوى غير القانوني.
وحدد القانون قواعد للمجتمع ككل وهي رقابة ديمقراطية أكبر على البرامج المنهجية، والتخفيف من المخاطر النظامية، مثل التلاعب أو المعلومات المضللة.
ومنح القانون اعتبارا من 25 نيسان الماضي، المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي 4 أشهر للامتثال للالتزامات بموجب القانون بما في ذلك تنفيذ وتقديم أول تمرين لتقييم المخاطر السنوي، وستحتاج الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى تمكين منسقي الخدمات الرقمية لديهم بحلول 17 شباط من العام المقبل، وهو التاريخ العام للدخول في تطبيق القانون بحيث يصبح قابلا للتطبيق بالكامل على جميع المنصات في نطاقه.
ويضمن القانون الجديد بيئة إنترنت آمنة وخاضعة للمساءلة ويتضمن قواعد لخدمات الوساطة عبر الإنترنت التي يستخدمها ملايين الأوروبيين يوميا وتتوافق التزامات مختلف الشركات عبر الإنترنت مع دورهم وحجمهم وتأثيرهم في النظام البيئي عبر الإنترنت.
ويشمل القانون الخدمات الوسيطة التي تقدم بنية تحتية للشبكة، ومزودي خدمة الوصول إلى الإنترنت، ومسجلي الروابط الإلكترونية، بما في ذلك أيضا، وخدمات الاستضافة مثل الخدمات السحابية والاستضافة على الويب، والمنصات عبر الإنترنت التي تجمع البائعين والمستهلكين مثل الأسواق عبر الإنترنت ومتاجر التطبيقات ومنصات الاقتصاد التعاوني ومنصات التواصل الاجتماعي.
وحسب القانون الأوروبي الجديد فإنه يتعين على جميع الوسطاء عبر الإنترنت والذين يقدمون خدماتهم في السوق الموحدة، سواء تم تأسيسهم في الاتحاد الأوروبي أو خارجه، الامتثال للقواعد الجديدة.
وسيكون على الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر حسب القانون التزامات تتناسب مع قدرتها وحجمها مع ضمان استمرار خضوعها للمساءلة، وحتى إذا نمت الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر بشكل ملحوظ، فإنها ستستفيد من الإعفاء المستهدف من مجموعة من الالتزامات خلال فترة انتقالية مدتها 12 شهرا.
وتوقع الاتحاد الأوروبي، أن يحسن قانون الخدمات الرقمية بشكل كبير آليات إزالة المحتوى غير القانوني وحماية فعالة للحقوق الأساسية للمستخدمين عبر الإنترنت، بما في ذلك حرية التعبير، ويوجد إشرافا عاما أقوى على المنصات عبر الإنترنت، لا سيما الأنظمة الأساسية التي تصل إلى أكثر من 10بالمئة من سكان الاتحاد الأوروبي.
ويتوقع أن يشعر الجمهور وبشكل ملموس بوجود تدابير لمكافحة السلع أو الخدمات أو المحتوى غير القانوني عبر الإنترنت، مثل آلية للمستخدمين للإبلاغ عن مثل هذا المحتوى وللمنصات للتعاون مع “المبلغين الموثوق بهم”، والتزامات جديدة بشأن إمكانية تتبع مستخدمي الأعمال في الأسواق عبر الإنترنت، للمساعدة في تحديد بائعي السلع غير القانونية أو الجهود المعقولة من قبل الأسواق عبر الإنترنت للتحقق عشوائيا مما إذا كانت المنتجات أو الخدمات قد تم تحديدها على أنها غير قانونية في أي قاعدة بيانات رسمية.

ويقدم القانون ضمانات فعالة للمستخدمين، بما في ذلك إمكانية تحدي قرارات الإشراف على محتوى المنصات، وحظر نوع معين من الإعلانات المستهدفة على المنصات عبر الإنترنت عندما تستهدف الأطفال أو عندما يستخدمون فئات خاصة من البيانات الشخصية، مثل العرق والآراء السياسية، وتدابير الشفافية لمنصات الإنترنت بشأن مجموعة متنوعة من القضايا، بما في ذلك الخوارزميات المستخدمة للتوصيات، والتزامات المنصات الكبيرة جدا ومحركات البحث الكبيرة جدا على الإنترنت لمنع إساءة استخدام أنظمتها من خلال اتخاذ إجراءات قائمة على المخاطر وعن طريق عمليات تدقيق مستقلة لأنظمة إدارة المخاطر الخاصة بها.
وسيمنح تطبيق القانون الباحثين فرصة الوصول إلى البيانات الرئيسية لأكبر المنصات ومحركات البحث، من أجل فهم كيفية تطور المخاطر عبر الإنترنت، وهيكل الإشراف لمعالجة تعقيد الفضاء على الإنترنت وسيكون لدول الاتحاد الأوروبي الدور الأساسي، بدعم من مجلس أوروبي جديد للخدمات الرقمية؛ للمنصات الكبيرة جدا، والإشراف والتنفيذ من قبل الهيئة.

المصدر: وكالة الأنباء الأردنية- بترا- بركات الزيود. 

مواضيع ذات صلة