الأحلام: مزج الذكريات وتخيل المستقبل المحتمل

الأحلام: مزج الذكريات وتخيل المستقبل المحتمل

الأحلام مصنوعة من الماضي والمستقبل

دراسة جديدة أن الأحلام تحتوي على ذكريات من الماضي وأحداث مستقبلية متخيلة.

أظهرت دراسة جديدة أن الأحلام تحتوي على ذكريات من الماضي وأحداث مستقبلية متخيلة.

تحتوي الأحلام على ذكريات الأحداث والأفكار والمخاوف الماضية التي أعيد دمجها في سيناريوهات جديدة.

الذكريات ديناميكية وبناءة، وتذكر الماضي يكمن وراء قدرتنا على تخيل المستقبل.

توضح إيرين وامسلي في ورقتها البحثية الجديدة أنه في حين أن معظم الأحلام تتكون من عناصر من تجارب سابقة، فإن العديد من الأحلام (25 بالمائة في دراستها) تتكون من تجارب تتبع “أحداث مستقبلية متوقعة”.

طلبت من المشاركين في دراستها قضاء ليلة في مختبر للنوم، حيث قام فريقها بإيقاظ المشاركين مرارًا وتكرارًا في أوقات مختلفة أثناء الليل. عند الاستيقاظ، طُلب من المشاركين الإبلاغ عن أحلامهم. في الصباح، تمت دعوة المشاركين للاستماع إلى التسجيلات الصوتية لأحلامهم الليلية وتحديد مصادر الأحلام، أي إخبار الباحثين من أين تأتي عناصر الحلم المحددة (مع الذكريات، مؤرخة).

بالإضافة إلى تحديد مصدر ذاكرة من الماضي، طلبت وامسلي من المشاركين تقديم معلومات حول مصادر الذاكرة من الأحداث المستقبلية المتوقعة. كما هو متوقع، يمكن تتبع معظم الأحلام إلى مصدر ذاكرة من وقت ما في الماضي، ولكن بالإضافة إلى ذلك، احتوى حوالي ربع الأحلام المجمعة على إشارات إلى أحداث مستقبلية متخيلة (مثل الأداء الوشيك لفرقة المشارك، أو توقع المخطط متحرك). أخيرًا، احتوت العديد من الأحلام على مصادر سابقة ومصادر مستقبلية.

هذه النتائج مثيرة لفهم الحلم ووظائفه، ولكن أيضًا لفهم كيف نختبر الوقت بشكل عام. عقولنا تبني ماضينا وتتخيل المستقبل، وهذا يحدث عبر حالات الوعي وحدود اليقظة والنوم.

الأحلام مصنوعة من الذكريات

يخدم النوم العديد من الوظائف الحيوية، بدءًا من الآليات الفسيولوجية الأساسية إلى العمليات الإدراكية المعقدة. عند مواجهة مشاكل وتحديات ومخاوف جديدة نقول “نم عليها”. هذه الفكرة مأخوذة بالمعنى الحرفي للكلمة في مجال أبحاث النوم، مع وجود أدلة كثيرة تظهر أن شيئًا خَاصًّا يحدث في أدمغتنا أثناء النوم، وبعض العمليات التي تسمح لأذهاننا بتدعيم الذكريات، وفهم حياتنا، والاستعداد في الصباح تعامل مع يومنا الجديد بمنظورات جديدة.

إذن ماذا عن الحلم؟ هل محتوى الأحلام مهم في هذه العملية اللاواعية إلى حد كبير لتقوية الذاكرة أثناء النوم؟ فهم وظائف الأحلام هو نوع من الكأس المقدسة للباحثين عن الأحلام. نحن نستحوذ على أفكار لماذا الأحلام مهمة، وما هي وظيفتها (إن وجدت!) ونتحارب حولها، وما إذا كان الحلم بشيء حدث لنا يساعد أو يعيق ترسيخ الذكريات.

لا يزال دور الأحلام في الذاكرة سؤالًا مفتوحًا، حيث أظهرت الدراسات أن الأحلام تتضمن الذكريات ولكنها لا تعيدها أبدًا، وأن مصادر الذاكرة للأحلام قد تأتي من اليوم السابق (وهي ظاهرة أطلق عليها فرويد بقايا اليوم)، أحيانًا من الخامسة إلى اليوم. قبل سبعة أيام (ما يسميه الباحث في الأحلام توري نيلسن تأخر الأحلام)، وأحيانًا من الماضي البعيد. أفاد الباحثون أيضًا أننا نحلم بما نهتم به- بالإضافة إلى العناصر التي تبدو عشوائية من حياتنا، والأشخاص والأماكن والأحداث، وحتى المفاهيم والأفكار التي يهمنا غالب ما تتحول إلى أحلامنا.

هل الأحلام تساعد في ترسيخ الذكريات؟ بمعنى آخر، إذا تعلمت شيئًا اليوم، فهل سيكون مفيدًا لذاكرتك إذا حلمت به الليلة؟ حاولت العديد من الدراسات الإجابة على هذا السؤال، حيث وجد البعض أدلة على تحسين الذاكرة بعد الحلم بمهمة تجريبية، بينما فشل البعض الآخر في العثور على أي علاقة من هذا القبيل.

من الواضح أنه إذا كانت للأحلام علاقة بالذاكرة، فإن الأمر ليس بهذه البساطة تمامًا مثل الحلم بشيء يجب تذكره. بعد كل شيء، لا يبدو أن الأشخاص الذين يدعون أنهم لا يتذكرون أحلامهم تقريبًا يعانون من عجز معرفي واضح مقارنة بمن يحلمون كثيرًا! قد تتكون الأحلام من ذكريات ولكن ربما لا تكون الأحلام للذاكرة، على الأقل، ليس حَصْرِيًّا.

الذكريات والأحلام بناءة وديناميكية وخلاقة

إن دور النوم في الذاكرة، حتى لو لم يتم فهمه تمامًا، مقبول بالأحرى من قبل المجتمع العلمي. لكن ما هي الذاكرة؟ نحن نعلم الآن أن الذاكرة الشخصية أو السيرة الذاتية ليست أرشيفًا نحتفظ فيه بالأحداث والعواطف التي يمكننا استرجاعها واستخدامها عند الحاجة. بدلاً من ذلك، يعتقد العديد من العلماء أن الذكريات ديناميكية، وأنها تتغير بمرور الوقت، وأن فعل التذكر يمكن أن يكون في الأساس فعلًا لبناء أو إنشاء تلك الذاكرة من جديد.

عندما تفكر في ماضيك في ظل ظروف مختلفة، يمكنك تذكر نفس الحدث مثل أفضل شيء حدث لك على الإطلاق، أو باعتباره أسوأ قرار في حياتك. وستكون عملية إعادة التذكر هذه تأثيرًا دائمًا على الذاكرة الأصلية، والتي قد تصبح في النهاية خيالية إلى حد كبير. كما يقولون، “لم يفت الأوان بعد أن تكون لديك طفولة سعيدة”.

ولكن ألم يفوت الأوان بعد على أن يكون لديك مستقبل سعيد؟ اقترح عالم الذاكرة، دانيال شاكتر ، أن قدرتنا على تذكر الماضي بشكل بنّاء تكمن وراء قدرتنا على تخيل المستقبل بشكل خلاق.

الأحلام مصنوعة من تخيل المستقبل الآن، عد إلى المستقبل. يتطلب تخيل المستقبل مرونة معرفية وقدرة على وضع الخطط والتفكير في شيء لم يحدث بعد. نحن نستخدم الذكريات للتنبؤ بالشكل الذي قد يبدو عليه المستقبل، لكننا نعلم أيضًا أن المستقبل غير معروف بشكل أساسي، وهو أمر قد يكون مقلقًا للغاية.

تقترح العديد من النظريات أن الأحلام تخلق مساحات افتراضية، “محاكاة” للعالم (العوالم؟) حيث يمكننا التدرب على سيناريوهات مختلفة. هل ستؤدي هذه التدريبات إلى تحسين لياقتنا البدنية في مكانتنا التطورية؟ يمكن. أو ربما تكون هذه المساحات الخيالية والمرحة حيث لا نستعد فقط للعالم “الحقيقي”، ولكن حيث يُسمح لنا أن نعيش أنواعًا أخرى من التجارب.

كما اقترحت عالمة الأحلام كيلي بولكيلي، يمكن اعتبار الأحلام شكلاً من أشكال اللعب يعزز مرونتنا المعرفية ويسمح لنا بمعالجة الحياة بشكل خلاق.

ربما يكون الحلم بسيناريوهات وروايات جديدة، وخلط التجارب السابقة ومطابقتها (أحيانًا حتى مع ذكريات أحلام الماضي!)، والجمع بين عناصر من الماضي وعناصر من المستقبل المتوقع، أحد الطرق المهمة التي تساعدنا بها عقولنا في التعامل معها. عدم اليقين وترسيخنا، وإن كان خَيَالِيًّا، في اللحظة الحالية بينما نوسع أنفسنا في الماضي ونتوقع في المستقبل.

المصدر: psychologytoday

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة