الأسباب المتمنَّاة في الحُب

جاء في طوق الحمامة إن من الأسباب المتمنَّاة في الحُب أن يهب الله عزَّ وجل للإنسان صديقًا مُخلصًا، لطيفَ القول، بسيطَ الطَّول، حسنَ المأخذ، دقيقَ المنفذ، متمكنَ البيان، مُرهف اللسان، جليل الحلم، واسع العلم، قليل المخالفة، عظيم المساعفة، شديد الاحتمال، صابرًا على الإدلال، جم الموافقة، جميل المخالفة، مستوي المطابقة، محمود الخلائق، مكفوف البوائق، محتوم المساعدة، كارهًا للمباعدة، نبيل المدخل، مصروف الغوائل، غامض المعاني، عارفًا بالأماني، طيب الأخلاق، سريَّ الأعراق، مكتوم السر، كثير البر، صحيح الأمانة، مأمون الخيانة، كريم النفس، نافذ الحس، صحيح الحدْس، مضمون العون، كامل الصون، مشهور الوفاء، ظاهر الغَناء، ثابت القريحة، مبذول النصيحة،

مستيقن الوداد، سهل الانقياد، حسن الاعتقاد، صادق اللهجة، خفيف المهجة، عفيف الطباع، رحب الذراع، واسع الصدر، متخلقًا بالصبر، يألف الإمحاض، ولا يعرف الإعراض، يستريح إليه ببلابله، ويشاركه في خلوة فكره، ويفاوضه في مكتوماته.

وإن فيه للمحب لأعظمَ الراحات، وأين هذا، فإن ظفرتْ به يداك فشُدَّهما عليه شد الضنين، وأمسك بهما إمساك البخيل، وصُنْه بطارفك وتالدك، فمعه يكمل الأنس، وتنجلي الأحزان، ويقصر الزمان، وتطيب الأحوال، ولن يفقد الإنسان من صاحب هذه الصفة عونًا جميلًا، ورأيًا حسنًا؛

ولذلك اتخذ الملوك الوزراء والدخلاء كي يخففوا عنهم بعضَ ما حملوه من شديد الأمورِ، وطُوِّقوه من باهض الأحمال، ولكي يستغنوا بآرائهم، ويستمدوا بكفايتهم، وإلا فليس في قوة الطبيعة أن تقاوم كل ما يَرِد عليها دون استعانة بما يشاكلها وهو من جنسها. 

المصدر: طوق الحمامة في الألفة والأُلاّف للإمام أبي محمد، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي

مواضيع ذات صلة