الالعاب الالكترونية و التعليم
الألعاب الالكترونية و التعليم
دينا محمد عبدالله ياسين
يُجمِع علماء النفس على أن اللعب أسلوبٌ مهمٌ لفهم العالم ومواجهته ، و يتحقق ذلك بدرجة كبيرة مع الأطفال الذين يجدون في اللعب سبيلاً لإطلاق العنان لخيالهم الخصب، “وكثيرا ما يجد المستخدم مزيداً من المتعة فيما يمارسه من ألعاب يتعلم منها الكثير الذي ينعكس على أفكاره ويؤثر في اتجاهاته، ويزيد من قدرته على الانتباه مشجعاً إياه على الخيال”((شمى و إسماعيل، 2008 ، ص 213 ). و بدمج فكرة الألعاب التعليمية مع برامج الحاسوب كانت ثمرة الألعاب الحاسوبية التعليمية، والتي ” توفر الإنتاجية والمتعة للطلبة من مختلف الأعمار، وغالبا ما تكون هذه الألعاب على شكل مباريات تعليمية تجعل الطالب يمضي وقته في اللعب ، إلا أنه في الواقع يتعلُّم معلومات ومهارات جديدة ، الأمر الذي يربط بين التعلُّم واللعب، فيصاحب عملية التعلُّم استمتاع باكتساب الخبرة”(سويدان ومبارز، 2007 ، ص177 ).
وتعد تجربة ” شواهين “من التجارب التي وظَّفت الألعاب الحاسوبية في التعليم، وبشكلٍ خاصٍ في مختبر العلوم، حيث صمم ألعاباً تعليمية باستخدام برنامج الفلاش، تغطي بعض مجالات العلوم(لعبة أجزاء جسم الإنسان( (شواهين، 2008 ،ص 13) وكانت نتائج التعلُّم مذهلة ، فكان في هذه الطريقة اختصارٌ للوقت والجهد و وصول لمخرجاتٍ على درجة عالية من الكفاءة ، “إن هناك العديد من البرامج الحاسوبية التعليمية التي يستطيع التلميذ ممارستها على شكل لعبة، حتى يصل إلى الهدف الذي صُمّمه من أجله، وقد يكون في اللعبة طرفان متنافسان أحدهما يربح و آخر يخسر، أو قد يمارس التلميذ اللعبة مع زملائه في مجموعات صغيرة، أو يتنافس أحياناً مع البرنامج الحاسوبي نفسه “(عفانة، 2002 ،ص 12)
وتشهد الألعاب في هذا المجال تطورا و توسعاً كبيرين ، حيث باتت تستفيد من الإمكانات الحاسوبية الهائلة المتمثلة باستخدام الوسائط المتعددة في العرض والتفاعل مع المستثمر أثناء اللعب والتعلُّم، بالإضافة إلى إمكانية إجراء اختبارات لتقويم مستوى الطالب وتزويده بإحصائيات غنية عن الشائعة، وعلى الرغم من اعتماد معظم الألعاب الحاسوبية على اللغات الأجنبية، والإنكليزية تحديداً،” فقد بدأت بعض الشركات تتطلع لأسواقٍ أوسع لتصريف منتجاتها و باتت تطرح ألعاباً بعدة لغاتٍ منها العربية، كما بدأت بعض الشركات العربية تطرح ألعاباً تعتمد اللغة العربية في التعامل، يمسُّ أهمُها تعليمَ اللغة العربية والتدرب على قواعدها النحوية والصرفية، ونظم الشعر بالاستعانة بالقواعد العروضية واختيار القوافي المناسبة، كما دخلت الألعاب التعليمية إجمالاً في معظم البرامج التعليمية إما كجزء من القواميس الحاسوبية مثل ألعاب الكلمات والحروف، أو بتخصيص فقرات وتمرينات لها بعد تعلم الحقائق والمفاهيم والمبادئ، وتُستخدم هذه الألعاب للتأكيد على التعلُّم وجعله أكثر جاذبية، والتدريب على المستويات العليا من التفكير”(الزهراني، 2012 ، ص14).
وقد صُمِّمت هذه الألعاب التعليمية، بحيث يشعر التلميذ بأنه يلعب، ولكن بقياس التعلُّم وُجِد أنه يتعلم الإبداع والابتكار ، من ذلك فإذا أردنا إضافة التشويق للعملية التعليمية يمكننا الاستعانة بالكثير من الأنماط البرمجية التعليمية والمسماة الألعاب التعليمية، أو ألعاب المحاكاة ، وقد يسرت التطورات الجارية في الحاسوب وتوابعه و برامجه تحسينَ البرامج التعليمية ، وجعل التعليم أكثر تشويقاً، مما أسهم في دفع الكثير من الطلبة الصغار والكبار إلى مواصلة التعلُّم من خلالها بغض النظر عن المكان والزمان وعمر الطالب.
من ذلك يمكن تعريف الألعاب الحاسوبية التعليمية ببساطة بأنها:” برامج حاسوبية يتم التعامل معها عن طريق جهاز إلكتروني، وتمتاز غالباً باستخدام المؤثرات الصوتية والبصرية والتركيز على إحراز النقاط أو إتمام المهمة والانتقال من مرحلة لأخرى تحقيقاً لأهداف تعليمية محددة”(الشهري، 2012ص 21). ومن التعريف نجد أن الألعاب الحاسوبية التعليمية تقوم على مبدأ دمج عملية التعلُّم باللعب في نموذج ترويحي يتبارى فيه الطلبة ويتنافسون للحصول على بعض النقاط، وفي سبيل تحقيق ذلك يتطلب الأمر من الطالب أن يحلَّ مشكلة حسابية أو منطقية ،, أن يقرأ ويفسر بعض الإرشادات ، أو يجيب عن بعض الأسئلة حول موضوع ما، ومن خلال هذا الأسلوب تضيف الألعاب الحاسوبية عنصر الإثارة والحافز إلى العمل الدراسي، “وعادةً ما تأخذ الشكلَ الذي يجذب الطالب ويجعله لا يفارق اللعبة دون تحقيق الهدف أو الأهداف المطلوبة، فهي تعتمد أساساً على مبدأ المنافسة لإثارة دافعية الطالب، كما يُمكن أن تسهم في تقويم أداء الطالب عن طريق بعض التدريبات التي يتم التعامل معها بشكل غير مباشر مما يزيد من احتمال تحقيق أهداف الدرس” (الشهري، 2012 ،ص(12 وتكون هذه الألعاب على شكل مباريات تعليمية تتناول مواد مختلفة كالرياضيات أو العلوم أو اللغات بهدف تشجيع الطالب على البحث والتقصي ، وتحسين اتجاهاته نحو هذه المواد ونحو عملية التعلم بشكل عام ، “على أية حال ، فإن المعلمين يمكن أن يوظِّفوا الألعاب التعليمية للوصول إلى أهداف المنهاج بوقت أقل، وجهد أقل، ويمكن أن يستخدموها لتقييم أداء الطلبة، وتكمُن فائدة مثل هذه الألعاب بقدرتها على تغيير مستوى الطلبة ، وإعطائهم فرصاً للمشاركة في استراتيجيات التعلم المختلفة، وتحفيزهم من أجل الحصول على نتائج ممتازةFelice & Fernandez ,2006 ,p. 3))
ولكي تكون اللعبة الحاسوبية التعليمية ناجحة، لا بدَّ من توافر عدة شروط منها:
-
تُبنى على أسس تُمثّل وتعكس بدقة المفهوم أو المهارة المطلوب تعليمها . “
-
أن يكون النجاح نتيجة يحصل عليها الطالب عند إظهار قدرته على إتقان ذلك المفهوم، أو المهارة.
-
أن يتعلم الطالب المفاهيم والمهارات التي يجب عليه أن يتقنها، وليس مجرد أن يتعلم كيف يلعب هذه اللعبة”( الموسى ، 2002 ، ص70)
تكمن أهمية الألعاب الحاسوبية التعليمية انها تدعم البرمجياتُ الحاسوبية التعليمية المتعلمَ في أن يتعلم بشكل ذاتي وفق سرعته الشخصية وإمكاناته دون الحاجة إلى خبرة في التعامل مع الحاسوب ، وقد يكون استخدام الحاسوب وبرمجياته المختلفة من أنسب الطرائق في التعليم “نظراً لما يتمتع به من ميزات كسرعة البحث عن المعلومات وعرضها بأشكال مختلفة، ترافقه مثيرات بصرية وسمعية تزيد من متعة التعلم، والحصول على المعرفة بأسلوب شيّق جذاب يزيد من دافعية الطالب نحو التعلُّم، ويزيد من قدراته على المتابعة والمثابرة ومواصلة التعلُّم (بطاينة، 2006 ، ص 6). و توظيف الحاسوب وبرامجه وألعابه في عملية التعليم يساهم في توضيح ما تحويه المناهج الدراسية من مفاهيم علمية وإزالة الغموض فيها من جهة، و تكوين موقف إيجابي للطالب نحو المادة الدراسية من جهة أخرى، “فتصبح غاية عملية التعليم ليس خزن ما أمكن خزنه من المعلومات، بل إيجاد عنصر التشويق في عملية نقل المعرفة إلى الطالب حتى يزداد اهتمامه وتزداد بذلك فاعليته فيقبل على التعلُّم في جو يمتاز بالتفاعل والتركيز”( الأبرط ، 2011 ،ص 676)، لذلك يعتبر استخدام الألعاب الحاسوبية في التعليم من أكثر الوسائل التي تشد انتباه الطلبة ، “حيث تؤكد النظريات التعليمية أن شدَّ الانتباه أكثرُ أهمية من تقديم المعلومات في عملية التعليم، ولذلك فإن الألعاب الحاسوبية التعليمية تساعد على تركيز المعلومة وتثبيتها في أذهان الطلبة لقدرتها على شدِّ انتباههم أثناء استخدامها”( الشهري، 2012 ) وفي مثل هذه الألعاب لا تظهر أهداف الدرس مباشرةً ، بل يقوم التلميذ بخوض ألعابٍ تؤدي في النهاية إلى التعلُّم ، ولذلك فإنَّ الألعاب الحاسوبية التعليمية تكون مشوقة جداً للصغار،لأنها تضع الطالب أمام مشكلة تتحدى ذهنه ويقوم بحلها عن طريق اللعب ، ويتقدم تدريجياً في سرعة التعلُّم ، وفي كمية الإجابات الصحيحة التي يحققها خلال فترة اللعب ، بشكل يتناسب مع سرعة تعلمه الذاتية ، وهذا ما يؤكد دعم الألعاب الحاسوبية التعليمية لمبدأ تفريد التعليم ، “بل أكثر من ذلك، يرى بعض المتخصصين في التعليم، كالدكتور “جيمس بول جي” أستاذ المناهج في جامعة ويسكونسن، أن الألعاب الحاسوبية بشتى أنواعها، لها فائدة تعليمية كبيرة ففي كتابه” ما يجب أن نتعلمه من الألعاب الحاسوبية عن التعلُّم والمعرفة” يتعمق “جي” في د راسة الكيفية التي تؤدي بها الألعاب الحاسوبية إلى حث اللاعبين على التفكير والتعامل مع عوالم و أجواء شديدة التعقيد والتداخل، حيث كلُّ شيء يتفاعل مع كلِّ شيء”، كما ويندرج تحت أهمية الألعاب الحاسوبية التعليمية أنها “لا تُمكِّن الطالب من الغشِّ ، إذ لا تتيح له الإطلاع على الإجابة الصحيحة إلا بعد قيامه بالإجابة عن الأسئلة التي يطرحها الحاسوب ، وبالتالي تعطيه فرصةً أكبر للتفكير والإجابة ، فإذا كانت الإجابة خاطئة تتيح له فرصة ثانية لمعاودة التفكير والإجابة ، و تعززه إن كانت إجابته صحيحة ، فالتعزيز المباشر هو أحد سمات الألعاب الحاسوبية التعليمية الناجحة ، وهذا التعزيز لا يفرِّق بين متعلمٍ متفوقٍ وآخر ضعيف ،الأمر الذي ربما لا نجده في التعليم التقليدي” ففي التعليم التقليدي قد يحصل الطالب الجيد على التعزيز اللازم له لمواصلة التعلُّم ،أما الطالب ضعيف التحصيل فلا ينال من المعززات ما يقوده إلى تحقيق أهداف التعلُّم بسبب طبيعة التعليم الجمعي ، ولأن المعلم قد ينفذ صبره أمام الطالب بطيء التعلُّم ، أما الحاسوب فيُمكِّن الطالب من السير في مراحل اللعبة حسب سرعته الذاتية إلى أن يجيب ، فيعززه ويكافئه، أي يُشعر أولئك الطلبة بالنجاح ، ويسير حسب إمكاناتهم ، ويُزوِّدهم بالتمارين الإضافية لتثبيت التعلُّم” (القلا، 2001 ، ص (185 ، وتأتي أهمية هذه الألعاب أيضاً من خلال تميزها عن طرائق التعليم الأخرى بعدة مزايا منها :
-
استخدام مؤثرات سمعية وبصرية، لذلك فهي تثير أكثر من حاسة لدى الإنسان، مما يجعل التعلُّم من خلالها أكبر تأثيراً وأبقى أثراً.
-
إشباع الميل الفطري للمتعلمين إلى اللعب ، خاصةً صغار السن منهم ، الأمر الذي يزيد من دافعيتهم لتعلم مواضيع لم يرغبوا بتعلمها من قبل.
-
إمكانية استخدامها بشكل فعال في تدريس مواد مختلفة مثل الرياضيات والعلوم والاجتماعيات وغيرها”
-
تنمية الانتباه البصري والاتساق الحسي الحركي ، حيث تتطلب من اللاعب تنمية الانتباه البصري ” ، أن ينتبه إلى عدة مؤثرات في أماكن مختلفة من الشاشة والرد عليها بسرعة كبيرة )الشيخة، 2011،ص 20)
-
تحرير الطلبة من الخصومة والنزاع فيما بينهم، إذا كان اللعب فردياً لا يتطلب مشاركة زميل. “
-
المساهمة في إثبات الذات من خلال اللعب وتحقيق الهدف دون الاستعانة بالآخرين.
-
زيادة نمو الطالب العقلي وإثارة التفكير لديه ، خاصة التفكير الإبداعي، نظرا لأنه ينسجم مع هدف اللعبة في خياله و يحاول أن يبتكر أفكاراً جديدة في اللعب لتحقيق الهدف ، وهذا ما أكدته الأبحاث من أن الخيال الذي يظهره الأطفال عند ممارسة الألعاب الحاسوبية قد يكون له قيمه عظيمة في القدرة على الإبداع.
-
غير مرتبطة بزمن محدد، فيستطيع الطالب اللعب في أي وقت يرغبه ولأي مدة يريدها.
-
تقسيم المعلومات المقدَّمة إلى خطوات صغيرة تتطلب استجابة وتعطي تغذية راجعة فورية، مما يركز على الهدف التعليمي ويدفع الطالب لمواصلة اللعب.
-
تكرار الألعاب الحاسوبية التعليمية في أي وقت يضمنُ تعلمَ الطالب حتى يصل إلى مرحلة التمكُّن والإتقان.
-
تكون بمثابة التدريب العفوي للمتعلمين على التعامل مع الأجهزة الحاسوبية وإعطائهم الخبرة في ذلك والتي قد يصعُب إكسابها لهم بالتدريب المتعمَّد” (الشهري ، 2012 )
-
توفر السلامة والأمن للمتعلم، فهي توفر مخابر العلوم الافتراضية وتمكِّن الطلبة من إجراء التجارب و التفاعلات الكيميائية في بيئة تحاكي الواقع.
-
كسر حاجز الملل لدى بعض الطلبة.