التخصص الجامعي المناسب.. مفتاح نجاح الطلبة علميا وعمليا

يجد بعض الشبان أنفسهم مضطرين لدراسة تخصصات جامعية لا يرغبون بها، ولا يجدون في أنفسهم شغفا للاستمرار فيها كونهم اختاروها بناء على مسمياتها، أو رواجها، أو تحقيقا لرغبة ذويهم بدراستها، في عالم مليء بالفرص والتحديات.
السؤال الأبرز الذي يُطرح على الأطفال منذ الصغر “ماذا تُريد أن تصبح حين تكبر؟”، وتُنظم لأجله في المدارس فعاليات وأنشطة متعددة، وهو ما يتبادر أيضا إلى أذهان الأهالي عن الصورة العملية المستقبلية لأبنائهم، يفرز ضرورة الإجابة المبنية على اختيار واعٍ من أبنائهم للتخصص الجامعي في مرحلة ما قبل الدراسة الجامعية.
هبة العواملة، وظفت تجربتها الشخصية في إنشاء مبادرتها الريادية الأولى من نوعها في الأردن، والتي تحمل فكرا يهدف إلى تعريف الطلبة اليافعين بمختلف التخصصات الجامعية ومساعدتهم باختيار شغفهم ليكون مفتاح نجاح حياتهم العلمية والعملية، فأسست شركة “هاشتات” وهي جامعة مصغرة تحاكي الواقع بورش عمل تطبيقية.
وروت العواملة قصتها قائلة: “بعد أن درست تخصصًا لم يكن اختيارها له نابعًا من فهمها بطبيعته، وأحبت مساعدة اليافعين في اختيارهم لتخصصات تناسبهم ويحبونها في المرحلة الجامعية فأنشأت شركة “هاشتات” وهي أشبه بجامعة مصغرة لتكون منارة يهتدون بها بعد أن يعيشوا تجربة جامعية متخصصة”.
وجاءت فكرة إنشاء شركتها التي تحمل فكرا رياديا بعد أن جالت بخاطرها تساؤلات عدة تستنكر عدم معرفتها بالمجال الذي تهتم بدراسته وسبب تأخرها في اختيار شغفها وبماذا يمكن أن تتميز حين أنهت سنوات دراستها الثانوية.
وقالت: “بدأت القصة حينما وجهت لي أسئلة كثيرة عن التخصص الذي سأدرسه فاخترت دراسة الهندسة لأضع حدا لتلك التساؤلات، وما كان ممن حولي إلا أن فرحوا باختياري واعتبروه اختيارا موفقاً.”
وأضافت: “كانت الصدمة عندما حان وقت تعبئة طلب القبول الموحد حيث تفاجأت بوجود حوالي 21 تخصصًا هندسيًّا لم تتح لي نحو 12 سنة دراسية في المدرسة، معرفة الفرق بينهم، ولم تقدم لي حتى تصورًا مسبقًا عن شكل الحياة الجامعية التي سأُقبل عليها”.
وأكدت أنها اختارت هندسة الحاسوب تحديدا لأنها كانت ذائعة الصيت في ذلك الوقت وكان تخصصًا مطلوبًا، آنذاك، لكنها وبعد أن وصلت للسنة الدراسية الثالثة في الجامعة، وأصبحت مضطرة لدراسة مواد في صلب تخصصها اكتشفت أنه خارج ميولها، ولا يتناسب هذا المجال مع قدراتها.
واختارت العواملة نتيجة لذلك أن تتجه نحو تنمية شخصيتها الاجتماعية والاندماج في أعمال تطوعية، وحضور دورات تدريبية تصقل مهاراتها وذلك انطلاقًا من ثقتها التامة أنها لن تعمل إلا في عمل تحبه.
وبعد أن تخرجت أقدمت على تسجيل شركة خاصة باسمها لاستثمار قدراتها في مكان مناسب، على حد تعبيرها، فأنشأت “هاشتات” التي تتضمن برنامج جامعة مصغرة؛ يهدف للعمل مع اليافعين ضمن مركز تطوير وتدريب يعرفهم على التخصصات الجامعية، ضمن ورشات تعريفية وتدريبية وختامية.
ولدى انتهاء رحلة الطالب في الجامعة المصغرة وتمكنه من تشكيل فكرة مسبقة عن اختياره المستقبلي، يمكنه بعد ذلك استغلال أوقات فراغه بالقراءة عن ذلك التخصص وحضور دورات تدريبية متخصصة في المجال الذي انتقاه، إضافة إلى زيارات ميدانية المؤسسات التي تعتمد على ذلك التخصص للتدرب فيها والاستفادة من خبرات العاملين فيها إما بشكل فردي أو بمساعدة من برنامج الجامعة المصغرة.
وتقول العواملة، إن البرنامج الذي خطط له واختبر على مدار عامين انطلق عام 2016 واتجه إضافة لما سبق لتعريف الأطفال من عمر 7 سنوات بمختلف المهن، وتخصيص دورات تدريبية في تخصصات مهنية، كما سعى لتأمين فرص تدريبية فيها.
وأكدت عمل البرنامج الذي استفاد منه حتى الآن نحو 4 آلاف طالب على تفعيل جلسات إرشاد مهني عن بُعد تستهدف اليافعين في محافظات المملكة كافة، إلى جانب تعريف الطلاب المتسربين من المدارس بالفرص المتاحة لهم.
مطورة الأعمال ومسؤولة العلاقات العامة في”هاشتات”، ديمة عليان، قالت إن الهدف الأساس من برنامج الجامعة المصغرة هو توعية طلاب المدارس بالتخصصات الجامعية قبل دخول الجامعة والتأكد من جاهزيتهم لاتخاذ هذا القرار، واستيعاب مفاهيم الجامعة، ويستفيد من هذه التجربة الطلاب في المرحلة العمرية من 13 حتى 17 عاما وذلك من خلال حضورهم لبرنامج مكون من ورشات عملية وتفاعلية متعددة للتعريف الطلاب بمجموعات متنوعة من التخصصات إما 6 أو 12 أو 24 تخصصا يتلقى فيها الطالب تمارين عملية إما في مقر المؤسسة أو في المدارس.
تبدأ هذه الورش بجلسة تعريفية لمفاهيم تعترضه حينما يصبح مستجدا في الجامعة وورشة ختامية، بحيث ينحصر الجانب النظري بنسبة 15% من محتوى البرنامج وينطلق المتدربون بعدها لاستخدام أدوات تسهم بمساعدتهم على اتخاذ القرار على أيدي مدربين متخصصين في آخر سنة من دراستهم الجامعية أو خريجين أنهوا دراسة تلك التخصصات.
وأشارت عليان إلى أن المشاركين يتعرفون خلال جلسات البرنامج على عدد ساعات المواد التي سيدرسونها للتخصص المطلوب، ومصطلحات جامعية عديدة، لتنمو لديهم مهارة الوعي بالذات، ويصلوا في الجلسة الختامية لمرحلة تلخيص المهارات المكتسبة من البرنامج وتشكيل جدول يتضمن التخصصات التي يرغبون بدراستها، إلى جانب خطة بديلة لهذه التخصصات، إضافة لقائمة التخصصات التي لا يفضلونها بالمطلق “بلاك ليست”.
التربوية الدكتورة أسماء حميض قالت في هذا السياق، إنه لا بد للطلبة اليافعين، أن يكونوا على دراية تامة بالتخصص الذي يرغبون بدراسته في الجامعة؛ فالاختيار الصحيح للتخصص يمثل خطوة حاسمة في بناء مستقبل مهني ناجح ومرضٍ.
ولفتت إلى أنه من الأهمية بمكان أن يعمل اليافعين على تقدير ميولهم واهتماماتهم الشخصية؛ ذلك لأن الاهتمام بالتخصص الذي يحمل لهم شغفًا يمكن أن يكون دافعًا قويًا لتحقيق النجاح في المجال المختار. “على سبيل المثال، إذا كان الشخص مهتمًا بالتكنولوجيا، يمكن أن يكون التخصص في مجال تقنية المعلومات أو الهندسة البرمجية مناسبًا له”.
وأضافت حميض: يفترض باليافعين القيام بعمليات البحث والاستفسار عن متطلبات التخصصات المختلفة والفرص المهنية المتاحة في السوق. يمكنهم ذلك من خلال التحدث مع أشخاص محترفين في هذه المجالات واستشارة مستشاري التوجيه المهني للحصول على نصائح قيمة.
وأضافت، في ظل وجود وسائل البحث الرقمية أصبح من السهل على أي يافع أن يتابع التطورات والاتجاهات في السوق العالمية، فالعالم يتغير بسرعة، وتطور التكنولوجيا يؤثر بشكل كبير على احتياجات السوق، وعليه فإن متابعة الأخبار والتطورات في مجالاتهم المهنية هي الأساس في الاختيار السليم لمسارهم وتخصصهم المستقبلي.
وأكدت أن تحقيق النجاح في الجامعة والمستقبل المهني يعتمد على اختيار التخصص بعناية والاستعداد الجيد، ويقع برأيها على عاتق الخبراء التربويين وأولياء الأمور إرشاد اليافعين لضرورة أن يكونوا على دراية كاملة بما يرغبون فيه وأن يسعوا جاهدين لتحقيق أهدافهم المهنية المستقبلية.
المصدر: وكالة الأنباء الأردنية -(بترا)

مواضيع ذات صلة