الدكتور عمر حتاملة الخبير في ناسا للفضاءِ يُحاضِرُ في الأردنيّةِ حولَ مستقبلِ الذّكاءِ الاصطناعيّ

​أشارَ الرّئيسُ التّنفيذيُّ للذّكاءِ الاصطناعيِّ في مركزِ ناسا – جودارد لرحلاتِ الفضاء، الدكتور عمر حتاملة، إلى أنَّ تأثيرَ الذّكاءِ الاصطناعيِّ في مستقبلِ البشريّةِ حتميّ؛ فستؤثّرُ هذه التّقنيةُ على مجالاتِ الحياةِ كلِّها، كالطِّبّ، والاقتصاد، والتّعليم، وغيرِها.

وأشارَ أثناءَ محاضرةٍ نظّمتها وحدةُ البرنامجِ الدّوليِّ والتّسويقِ والخرّيجينَ في الجامعةِ الأردنيّةِ اليوم ضمنَ سلسلةِ “أحاديثُ الأردنيّة”، بحضورِ رئيسِ الجامعة، ونوّابِه، وجمعٍ غفيرٍ من الأساتذةِ والطّلبة، إلى الفارقِ الكبيرِ الّذي أحدثَتْهُ النّماذجُ اللُّغويّةُ الكبيرةُ منذ عام 2021؛ وهذا جعلَ هذه الأدواتِ متاحةً للجميع، متوقّعًا تغييراتٍ جذريّةً مستقبليّةً مع اندماجِ تقنياتِ الحوسبةِ الكمّيّةِ والذّكاءِ الاصطناعيّ.

واستعرضَ حتاملة الابتكاراتِ المذهلةَ في المجالِ الطّبّيِّ بفضلِ الذّكاءِ الاصطناعيّ، مثلَ تسريعِ تشخيصِ الأمراض، وتصميمِ أدويةٍ ولقاحاتٍ جديدة، وتقنياتِ مراقبةِ الصّحّةِ عبرَ تطبيقاتٍ ذكيّة، وأبرزِ التّحدّياتِ المتّصلةِ بهذه التّقنيات، بما في ذلك الخصوصيّةُ والأمن، والتّأثيرُ الكبيرُ في سوقِ العمل، مشيرًا إلى ضرورةِ تنظيمِ هذه التّقنية؛ لضمانِ تقليلِ آثارِها السّلبيّة.

ولفتَ إلى أنّ الروبوتاتِ الذّكيّةَ والذّكاءَ الاصطناعيَّ سيغيّرانِ بشكلٍ جذريٍّ سوقَ العمل، وسيُؤثِّرانِ في مجالاتٍ عدّة؛ مثلِ الهجرةِ والاقتصاديّاتِ العالميّةِ الّتي تعتمدُ على العُمّالِ المهاجرين، إضافةً إلى تأثيرِ الذّكاءِ الاصطناعيّ في الوظائفِ الإبداعيّة، مثلِ الموسيقى الّتي قد تتطوّرُ بفضلِ هذه التّقنيات، ذلك إلى جانبِ الابتكاراتِ الطّبّيّةِ المدعومةِ بالذّكاءِ الاصطناعيّ، مثلِ الطّباعةِ الحيويّةِ للأعضاء.

كما حذّرَ من الاستخداماتِ الضّارةِ لتقنياتِ الذّكاءِ الاصطناعيّ، مثلِ الأسلحةِ الآليّة، والتّزييفِ العميق، والمخاطرِ المتّصلةِ بالتّحكّمِ المركزيِّ في الذّكاءِ الاصطناعيِّ وتأثيرِه في الاستقلاليّةِ والسّيادة، واحتماليّةِ احتكارِ التّقنيةِ من قبلِ شركاتٍ معيّنة؛ مَا يتطلّبُ ضمانَ تعدّديةِ الشّركاتِ العاملةِ في هذا المجال، مؤكّدًا أهميّةَ العملِ الجماعيّ؛ لمواجهةِ تحدّياتِ الذّكاءِ الاصطناعيّ، وضمانِ استخدامِه بشكلٍ أخلاقيٍّ ومُستدام.

وأوضحَ حتاملة في محاضرتِه أنّ الذّكاءَ الاصطناعيَّ العامّ (AGI) يمثّلُ المرحلةَ المقبلةَ للذّكاءِ الاصطناعيّ؛ إذ ستتمتّعُ الأنظمةُ بقدراتٍ مشابهةٍ لعقلِ الإنسان، من حيثُ التّفكيرُ المُتَقدِّم، وحلُّ المشكلات، والذّاكرةُ طويلةُ المدى، وتوقَّعَ أن تتحقّقَ هذه المرحلةُ بحلولِ نهايةِ العقدِ الحاليّ، وشدّدَ على أهميّةِ تطويرِ أُطُرٍ تنظيميّةٍ وأخلاقيّةٍ تضمنُ الشّفافيّةَ والمساءلة، وتجنّبَ التحيّزاتِ في البياناتِ المستخدمةِ لتدريبِ هذه الأنظمة.

وأشارَ إلى أنّ الذّكاءَ الاصطناعيّ ليس جيّدًا أو سيّئًا بحدّ ذاتِه، بل يعتمدُ على البياناتِ الّتي يُدَرَّبُ عليها؛ وهذا يُبرِزُ الحاجةَ إلى تحسينِ جودةِ هذه البيانات، وتخفيفِ التّحيّزاتِ قدر الإمكان، كما تطرّقَ إلى التّحدّياتِ الأخلاقيّةِ المتّصلةِ بالذّكاءِ الاصطناعيّ، وأكّدَ ضرورةَ إيجادِ توازنٍ دقيقٍ بينَ وضعِ القوانين؛ لضمانِ الابتكارِ والتّنظيمِ الفعّال، مشيدًا بالإجراءاتِ الأوروبيّةِ الجديدة، بعدِّها خطوةً مهمّة، مع الدّعوةِ إلى تطويرِها بشكلٍ مستمرّ؛ لتكونَ أكثرَ ملاءمةً وتأثيرًا.

كما نوّه حتاملة إلى أنّ التكنولوجيا الحديثةَ لم تَعُدْ محصورةً في مجالٍ محدّد، بل أصبحت عابرةً للقطاعات، ومتعدّدةً للاستخدامات، ودعا إلى تعزيزِ التّعاونِ بين الحكومات، والصّناعات، والأكاديميّين، والشّركاتِ النّاشئة؛ لتحقيقِ تكاملٍ يساهمُ في الابتكارِ والتّطوّر، وشدّد على أهميّةِ اتّخاذِ نهجٍ استباقيّ؛ فينبغي للمجتمعاتِ رؤيةُ التّغيّراتِ المستقبليّة، والاستعدادُ لها بدلًا من الاستجابةِ المتأخّرة.

وأضاف أنّ الإبداعَ والابتكارَ يجب أن يُصبِحا جزءًا أساسيًّا من ثقافةِ المؤسّساتِ والمجتمعات، وأكّد ضرورةَ وجودِ أنظمةٍ بيئيّةٍ ومؤسّسيّةٍ تعزّزُ الإبداع، وتشجّعُ التّفكيرَ الابتكاريّ، إلّا أنّه أشارَ إلى تأثيرِ التّقدّمِ التّكنولوجيِّ في المجتمعِ البشريّ، بدءًا من تغييراتٍ في الشّخصيّة، والتّأثيراتِ الجسديّة، حتّى تأثيرِها في الإبداع، والقدرةِ على التّركيز، وامتلاكِ القدرةِ المعرفيّة؛ نتيجةً لتقنياتٍ مثلِ السّيّاراتِ ذاتيّةِ القيادة.

وأعربَ رئيسُ الجامعة، الدكتور نذير عبيدات، في تعقيبٍ له عن اعتزازِه بالدكتور عمر بعدّه أحدَ خرّيجي الجامعةِ الأردنيّة، وبدورِه البارزِ عالميًّا، ممتنناً لهذه الفرصةِ الّتي مُنِحَت للطّلبةِ؛ للاستفادةِ من خبراتِه القيّمة، وأكّدَ أهميّةَ العَمل على مُواجهة التّحدّياتِ المستقبليّة، لا سيّما في مجالاتِ الذّكاءِ الاصطناعيّ، والحوسبةِ الكمّيّة، وذلك عبرَ تطويرِ طرقِ التّدريس، والتّركيزِ على تنميةِ شخصيّةِ الطّالب، وقدراتِه الفكريّةِ بما يؤهّلُه للتّعاملِ مع متغيّراتِ العصرِ بثقةٍ وإبداع.

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *