المعلمِ وصقل شخصيات الطلبة وتنميتها!

المعلمِ وصقل شخصيات الطلبة وتنميتها!

الدكتورة منى أيوب الواكد

للمعلم دَوْر هام في صَقْلِ شخصيات الطلبة وتنميتها، هذا الدور الذي ينجزه المعلم بكل كفاءة واقتدار من خلال علاقةُ تتسم بالودِّ والمحبةِ مع طلبته ومن خلال عمليات رئيسيةٌ يحفز ويقود طلبته لإتقانها بغضِّ النظر عن المرحلة اَلْعُمْرِيَّة لهم من مثل الانتباهُ، والإدراكُ، والتذكرُ، والاستدلالُ، والاستقراء والربط والمقارنة والتحليل والتركيب، و تعتبر هذه العمليات ركائز أساسية لإحداث التعلم ونجاح عمليةِ التعلّمِ والتعليم للطلبة.

إن هذه العملياتُ ذات أهمية قصوى لإحداث تعلم فعال لدى الطلبة والتي منها ما هو مرتبط ببعضهِ، ومنها ما هو مستقل عن بعضه، حيثُ الانتباهُ والإدراكُ بينهما ترابط وثيق، فالطالب بِالرَّغْمِ مِن تعرّضهِ للعديدِ من المنبهاتِ إلا أنها ليست كلها تلفت انتباهه، وقد يعودُ ذلك إلى انغماسِ الطالبِ بمثير آخر، أو أن هذا الموضوعَ لا يثيرُ انتباهه، وهنا نجد أن الانتباه من حيث الشكل واحد، وإنما الاختلاف في الإدراكِ والتركيز حيثُ نلاحظ أن المعلمَ يقومُ بعرضِ معلومةٍ على الطلبةِ، فكلّ طالبٍ يدركُ هذه المعلومةَ حَسَبَ الخلفيةِ الثقافيةِ والفكرية له، والمعلوماتِ السابقةِ، والوضعِ اَلِاقْتِصَادِيّ وراحته وصحته النفسية، وكما أنَّ الإدراكَ يختلفُ من طالبٍ إِلَى آخر، كذلك الانتباه يختلفُ، فمنه ما يكون قَسْرِيًّا وليس بإرادة الإنسان، ومنه ما يكون تِلْقَائِيًّا ومنه ما يكون إِرَادِيًّا.

هنا يبرز دور المعلم بجذب انتباه الطالب وزيادته من خلال عوامل لعلَّ من أهمها، أهمية المنبه للطالب فَكُلَّمَا كانت رغبة الطالب شديدةً كان أثر المنبه أقوى، لذلك في المرحلة الأساسية يجب أن يكون المنبه متميزًا فمثلا إذا كانت المادة مكتوبة يجب أن يكون المنبه بلون مختلف وحجم الخط أكبر، ويكون التكرار حسب أهمية الموضوع، ولزيادة الانتباه يمكن استثارةُ أكثر من حاسة لشدِّ انتباه الطالب للمنبه فمثلا هناك طالب سمعي وآخر بصري وآخر حركي، لذلك يمكن دمج الصوت والصورة مع الحركة، وبهذا يتمكن المعلم من إيصال الفكرة لأكبر عدد من الطلبة وبعد أن تتمَّ عملية الانتباه، تحدث عملية الإدراك من خلال تنظيم لهذه المعلومات ومن ثم تأويل وتفسير لهذه المعلومات، وبعدها تبدأ عمليةُ تخزين المعلومات واستذكارها وقت الحاجة أيْ استرجاع هذه المعلومات وعند تخزين المعلومات هناك ذاكرة قصيرة المدى وذاكرة طويلة المدى، وعلى المعلم ربط المعلومة الجديدة بمعلومة سابقة حتى تكون عملية بناء ولا تكون ذاكرة لحظية، أي أن لا يكون التذكر لَحْظِيًّا فَوْرِيًّا يعتمد فقط على المثير الذي أدى إلى الانتباه وبمجرد زوال المثير ينتهي التذكر معه، ويبرز دَوْر المعلم في كيفية نقل المعلومة إلى الذاكرة طويلة المدى منْ خلال التكرار والربط والاسترجاعِ.

أمّا بالنسبة لعملية التذكر فهي تقسم إلى تذكر يكون من خلال معلومة أو موقفٍ ماثلٍ أمامك، ويسمى التعرف، أمّا الموقف غير الماثل أمامك فيسمى استرجاع، ومن ثم تحدث عملية الاستدلال الذي هو نوع من أنواع التفكير الذي يهدف إلى حل المشكلات من خلال التفكير الذهني ومن خلال استخدام الخبرات والرموز وربطها ببعضها وعلي المعلم مسؤولية في تدريب الطلبة على كيفية الاستدلال وتفسير الرموز بطريقه علمية منظمة ومن مسؤوليات المعلم تدريب الطلبة على التفكير الناقد، والتفكير الإبداعي، حيث تبرز علاقة وثيقة بين الاستدلال والذكاء، الذي له ارتباط وثيق بخطوات المنهج العلمي، ومن أدوار المعلم تحديد أهداف التعلم، بحيث تكون واضحة في ذهن المتعلم، ومكتوبة، بالعمل على ربط المادة النظرية بأمثلة عملية، حيث أثبتت الدراسات أهمية الجانب العملي في العملية التعليمية، وإزالة كل المشتتات في الغرفة الصفية، والعمل على إبراز العناصر الأساسية في موضوع الدرس، على شكل نقاط رئيسية، ويكون هناك ملخص واضح ومبسط يسهل على الطالب الرجوع إليه، وتقييم ختامي للتأكد من سير العملية بالاتجاه الصحيح، وربط المعلومات الجديدة بالمعلومات السابقة كما أشارت إلى ذلك النظرية البنائية، فالتعليم الجديد دعم وتثبت للتعليم السابق، وتمهيد للمعلومات الجديدة، شريطة أن يكون هناك تدرج في المعلومات من خلال تقديم المعلومة من البسيط إلى المعقد بشكل تدريجي يتناسب مع المرحلة العمرية ومع المادة المقدمة وتفعيل كافة الحواس لدى الطلبة بغض النظر عن المرحلة العمرية حيث لكل شخص قدرته المحددة على الانتباه، والعمل على تحديث المثيرات المناسبة والعمل على التغير في أنماط الصوت، بحيث لا يكون على وتيرة واحدة، حتى لا يشعر الطالب بالملل، وتفقد العملية التعليمية هدفها، لذلك على المعلم أن يبقى معززًا ومنشطًا للعمليات العقلية.

 

 

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة