بيومه العالمي … المعلم العربي قيم انسانية ورسالة معرفة واخلاق
لا ينسى الطالب مهما بلغ من العمر معلميه الذين كان لهم الأثر الإيجابي والقدوة الحسنة خلال مرحلة دراسته، ويتذكر الكثير من الطلاب الكثير من المواقف والأساليب التدريسية التي كانت سببا في تغيير حياتهم المعرفية والعملية.
ويتميز المعلم العربي الذي يصادف يومه العالمي، اليوم السبت 25 شباط، بأنه يحمل قيما إنسانية نبيلة، يحاول من خلالها أن يقدم رسالة المعرفة والأخلاق بآن واحد لينشأ جيل واع بطريقة صالحة.
في غرفة الصف وخلال الحصة التي يبلغ وقتها 45 دقيقة، يلتقي المعلم بعدد من العقول التي تنمو وتأتي لتتغذى بالعلم، يحاول أن يتقبل كل سلوك منهم بصورة إيجابية أو سلبية، حيث يتطلب من المعلم الذي يدخل إلى هذا المجال، التسلح بالصبر والمعرفة والعلم والأخلاق النبيلة والشغف في التعليم، حيث كان يقول العرب قديما إن “تعليم الصغار مثل تقرض الصوان”.
ويختلج المرء أحيانا الشعور بالحنين لأيام قد خلت، تلقى فيها تعليمه على يد أساتذة اتبعوا الأساليب المميزة في التدريس، واستحضروا على الدوام دورهم الإنساني قبل مسؤوليتهم في التعليم، وكان لها الأثر في تشكيل الانطباع الإيجابي الذي التصق بجدران ذاكرتهم، بينما يتأسف البعض من مواقف سيئة عاشوها مع معلمين أغفلوا قيم المعروف والإحسان.
ولأن المعلم صاحب رسالة سامية، ولارتباط دوره الوثيق بالتربية قبل التعليم، تقع على عاتقه مسؤولية ترك أثر إيجابي من خلال ما يعتمده من أساليب تعليمية وتفاعلية تخلق التحفيز اللازم لهم للإستمرار في التعلم.
ورصدت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ذكريات عدد من الأشخاص وتجاربهم مع معلميهم وما يتذكرون منها، واستطلعت آراء تربويين ومسؤولين سابقين، الذين أشاروا إلى ان المعلم هو قدوة وصاحب أثر بشقيه الإيجابي أو السلبي، وأن من يتعامل مع الأجيال الناشئة يجب أن يخضع لمعايير تعيين شديدة وأن يتم تقييمه بين فترة وأخرى.
وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور عيد الدحيات، قال إن “المعلم هو المسؤول الأول بعد الأسرة عن الطريقة التي ينشأ بها الجيل، وتقع على عاتقه مسؤولية تهيئته في مجتمع متغير”.
ولفت إلى أهمية شكر وتقدير المعلم لبذله الوقت والجهد على التعليم بعيدا عن الطرق التقليدية القديمة ومعايشة العصر الجديد وتذليل تحدياته.
وأكد أن تحسين مستوى معيشة المعلمين يساهم في حل المشكلات الحياتية التي ربما تشغله عن دوره السامي، وضرورة التدريس والتكلم باللغة العربية الفصحى وإعطائها الأولوية على اللغات الأخرى واعتبر ذلك مسؤولية الأهل في المنزل والمعلمين على حد سواء، لحماية اللغة العربية والدفاع عنها فهي لغة القرآن الكريم ولغة علم وفكر مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية التعرف إلى اللغات الأخرى.
من جهتها، قالت إيمان النجداوي إنها لا تزال تذكر أسلوب معلمة حاسوب التي كانت تكافئ أول طالبة تنهي حل المسألة بقطعة حلوى أو هدية بسيطة حيث كان لطريقتها تلك أثر في تنمية مهارة السرعة والتركيز والمنافسة إضافة إلى تعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتبعتها أصالة العدوان بان فضل نجاحها بالثانوية العامة يعود الى معلمتها التي شجعتها واكدت لها بامتلاكها القدرات التي ستساعدها على تحقيق النجاح والتفوق.
وتؤثر الأساليب التعليمية بشقيها الإيجابي والسلبي على تجربة التعلم للطلبة، وفق ما أكدته الخبيرة التربوية أسماء حميض، إن استخدم المعلم أسلوبا تعليميا إيجابيا، فسيتلقى الطلاب المعلومات بشكل بناء وأكثر فعالية، وسيشعرون بالرضا والإنجاز، بينما إذا استخدم المعلم أسلوبا تعليميا سلبيا، فقد يؤدي ذلك إلى عدم اكتسابهم المهارات والمعرفة بشكل فعال.
ولتكون أساليب المعلم التعليمية فعالة وبناءة، أشارت الخبيرة حميض إلى وجوب تميز القائم بالعملية التعليمية بالمرونة والقدرة على التكيف مع احتياجات الطلبة ومستوياتهم المختلفة، إلى جانب اعتماده الأساليب التعليمية المتنوعة والمتعددة لجعل التعلم أكثر إثارة ومتعة.
وأضافت، انه يجب على المعلم توفير بيئة تعليمية مشجعة وداعمة للطلبة، وتقديم المساعدة اللازمة لهم لتحقيق أهدافهم التعليمية، لافتة الى عدد من الأساليب التعليمية الفعالة التي يمكن للمعلم استخدامها منها توظيف التكنولوجيا في التعليم، الأساليب التفاعلية، وأساليب التدريس المخصصة للتعلم الذاتي، لتشجيع الطلبة على اكتشاف المعرفة بأنفسهم وتحفيزهم على الاستمرار في التعلم.
وبينت أهمية أن يسعى المعلم إلى صقل وتطوير مهاراته في التواصل والتفاعل مع الطلبة، وتطوير قدراته في إدارة الصف لتوفير بيئة تعليمية إيجابية وداعمة باعتباره الركيزة الأساسية في عملية التعلم والتعليم.
ويمكن للمعلم أن يكون مؤثرا وأن يترك أثرا في نفوس طلبته، وأن يؤثر إيجابا على بناء شخصياتهم، من خلال اهتمامه بطلبته كأفراد، والتعرف على احتياجاتهم الخاصة، وأن يحافظ على الحوار والتواصل الفعال والودي مع طلبته، إضافة إلى تلمس آرائهم واقتراحاتهم.
من جانبه، أثار معلم مادة الرياضيات المتقاعد محمد عناقرة عددا من التحديات التي تواجه المعلم العربي منها قدرته على ضبط طلبته داخل القاعة الصفية مهما كان عددهم لضمان سير العملية التعليمية بفعالية.
وتابع، ان بعض الطلبة الذين يتلقون تعليما إضافيا خاصا بعد المدرسة، لايولون أهمية لما يقدمه مدرسيهم فيها من شروحات للمناهج أثناء الحصة التعليمية ولا يلقون لها الاهتمام، حيث يجدر بهم الاصغاء لمعلمي مدارسهم إضافة لأساتذتهم الخصوصيين لترسيخ المعلومات في أذهانهم.
وبين أن اهتمام الأهل ومتابعة أبنائهم ورصد سلوكياتهم وتحصيلهم الدراسي والتحقق من حضورهم كامل حصصهم المدرسية يشكل عاملا مهما في نجاح العملية التعليمية.
من جهته، قال دكتور الإعلام كامل خورشيد ، استاذ الاعلام في جامعة الشرق الاوسط، إن أبرز التحديات التي تجابه المعلم العربي تتمثل في عدم جدية الطلاب في تلقي العلم والمعرفة والمتمثلة في قلة جهودهم نسبيا في البحث والتقصي عن المعلومات والحقائق مقابل تطلعاتهم لتقيمات مرتفعة.
وبين أن تدني مخرجات التعليم قبل الجامعي المتمثلة بضحالة الثقافة العامة لدى مجموعة لا بأس بها من الطلاب إضافة إلى إضطرار بعض الطلبة للجمع بين الدراسة والعمل جراء ظروف اجتماعية معينة أيضا من العوامل التي تؤثر على التحصيل العلمي.
وشجع خورشيد الطلاب بالتوجه للمدارس المهنية التي قد تجد رواجا أكثر في سوق العمل، محذرا من الانسياق وراء “التخصصات البراقة” التي تحرم الشباب من اختيار مجالات معرفية يرغبون بدراستها.
واشار الى أن انهماك الشباب بالتطبيقات الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، له العديد من الآثار الإيجابية والسلبية على حد السواء، حيث يفتح أمامهم آفاقا جديدة بيد أنه من ناحية أخرى يسبب مشكلة “الإدمان الإلكتروني” حيث يقضي الطلاب ساعات كثيرة بمتابعة حساباتهم الرقمية على حساب التحصيل العلمي.
وفي السياق ذاته، أشار الدكتور خورشيد، إلى تدني اهتمام الشباب بالمطالعة قائلا: “اصبحنا أمام تسلية معلوماتية تسود مجتمعاتنا أدت إلى انحدار ثقافي ملحوظ عند البعض”.
المصدر: وكالة الأنباء الأردنية -(بترا)