كلية العلوم التربوية في الجامعة الأردنية ضمن أول عشر كليات علوم تربوية في البحث العلمي التربوي عربيًا

في إنجاز علمي مميز يعكس الريادة الأكاديمية، حققت كلية العلوم التربوية في الجامعة الأردنية تصنيفًا مرموقًا ضمن أول عشر كليات علوم تربوية على مستوى العالم العربي لعام 2024، وذلك استنادًا إلى حجم الإنتاج البحثي التربوي المتميز. يُعد هذا الإنجاز شهادة على التزام الكلية بالبحث العلمي التطبيقي الذي يسهم في تطوير الأنظمة التعليمية وتلبية احتياجات المجتمع المحلي والإقليمي. وقد أشاد الخبير التربوي الدولي السيد كاميرون ميرزا، رئيس فريق عمل برنامج تعليم الصفوف المبكرة (أساس) في الأردن، بهذا الإنجاز الذي يُبرز مكانة الكلية كإحدى المؤسسات الرائدة في البحث العلمي التربوي، وصرّح بأن الكلية تُعد مثالًا يحتذى به في مواءمة الأبحاث مع المستجدات العالمية في التعليم، مشيرًا إلى أن أبحاثها تُسهم في صياغة استراتيجيات مبتكرة لتحسين جودة التعليم.

جاءت تصريحات السيد ميرزا خلال ندوة حوارية نظّمتها الكلية برعاية الأستاذ الدكتور محمد صايل الزيود، عميد كلية العلوم التربوية، بمشاركة أعضاء الهيئة التدريسية وطلبة الدراسات العليا، إلى جانب مجموعة من الخبراء التربويين. وتمحورت النقاشات حول أهمية البحث العلمي التربوي كركيزة أساسية لتطوير التعليم ومواكبة التحديات العصرية.

وقد أوضح الدكتور الزيود أن الكلية تعمل على توفير بيئة أكاديمية داعمة للباحثين من خلال حوافز مالية مميزة يقدمها نظام الدعم المالي في الجامعة، تغطي تكاليف النشر في مجلات علمية عالمية مرموقة، بالإضافة إلى تسهيل استخدام مراكز أبحاث حديثة ومختبرات مجهزة بأحدث التقنيات لدعم جهود الباحثين. كما تسهّل الكلية للباحثين المشاركة في المؤتمرات والملتقيات العلمية الدولية، مما يُمكنهم من تبادل الأفكار مع نظرائهم في مختلف دول العالم. علاوة على ذلك، تنظم الكلية مؤتمرها السنوي الذي يُعد منصة حوارية تجمع نخبة من الخبراء والباحثين لمناقشة أحدث الاتجاهات والتحديات التربوية.

وفي سياق دعم الطلبة، أكد الدكتور الزيود على أهمية إشراك طلبة الدراسات العليا في البحث العلمي، حيث تُوفر الكلية لهم فرصًا ثمينة لنشر أبحاثهم في مجلات علمية مرموقة، مما يساهم في تعزيز مسيرتهم الأكاديمية. كما أشار إلى أن هذه الأبحاث تُؤهلهم للمنافسة على جوائز مرموقة مثل جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، إلى جانب توفير فرص للترقي الأكاديمي.

في هذا السياق، قدم السيد ميرزا استعراضًا شاملًا لأبرز الاتجاهات البحثية التي تُعد بمثابة خارطة طريق لتطوير التعليم، مع التركيز على الحلول المبتكرة لمواجهة تحديات العصر الحديث. وأكد أن التعليم الرقمي واستخدام التكنولوجيا أصبحا ركيزة أساسية في البحث التربوي، مشيرًا إلى أن دمج التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء أصبح ضرورة لتحسين تصميم المناهج وأساليب التدريس، بالإضافة إلى تقديم تجارب تعليمية مخصصة لكل طالب بناءً على احتياجاته الفردية.

كما شدد السيد ميرزا على أهمية التعليم الإلكتروني والتعلم عن بُعد، مشيرًا إلى أن هذه الوسائل تتيح فرصًا أكبر للوصول إلى شرائح واسعة من الطلاب، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية أو يواجهون صعوبات في التنقل. وأوضح أن تطوير منصات تعلم رقمية تفاعلية تعزز من مشاركة الطلاب وتوفر تجربة تعليمية غنية يُعد جزءًا أساسيًا من هذه الأولويات.

وأشار السيد ميرزا إلى أن التعليم الشامل يحتل مكانة بارزة في الأبحاث التربوية الحديثة، حيث يتم التركيز على تطوير نماذج تعليمية مبتكرة تراعي التنوع في قدرات الطلاب واحتياجاتهم المختلفة. وأكد على أهمية تصميم بيئات تعليمية دامجة تراعي الموهوبين وأصحاب الإعاقات على حد سواء، مشيرًا إلى ضرورة تزويد المعلمين بالمهارات والأدوات التي تمكّنهم من تحقيق هذا الهدف.

كما لفت إلى أهمية تحسين أدوات التقييم المستمر لتكون أكثر شمولية ودقة في قياس تقدم الطلاب، مؤكدًا أن التقييم يجب أن يكون عملية مستمرة تهدف إلى تعزيز التعلم بدلاً من مجرد قياس الأداء. ودعا إلى استخدام تقنيات تحليل البيانات لتوفير رؤى دقيقة حول نقاط القوة والضعف لدى الطلاب، مما يسهم في تحسين استراتيجيات التدريس بشكل مستمر.

وفي ختام استعراضه، أكد السيد ميرزا على ضرورة الاستثمار في البحث التربوي طويل الأمد، مشيرًا إلى أن تطوير التعليم هو عملية مستمرة تتطلب التزامًا جماعيًا من الحكومات والمؤسسات التعليمية والمجتمع ككل.

وأكّد السيد ميرزا على أن الصحة النفسية والعاطفية تُعدّ عنصرًا أساسيًا في تطوير بيئة تعليمية متكاملة، مشيرًا إلى دورها الحيوي في تعزيز الاستقرار النفسي والاجتماعي للطلاب والمعلمين على حدٍ سواء. وأوضح أن توفير خدمات دعم نفسي وعاطفي في المؤسسات التعليمية يسهم في خلق بيئة تعليمية أكثر تحفيزًا وإنتاجية، حيث يشعر الجميع بالانتماء والاحترام المتبادل.

ودعا السيد ميرزا إلى تبنّي استراتيجيات شاملة تركّز على تعزيز رفاهية جميع الأطراف المعنية بالتعليم، من خلال توفير أنشطة ترفيهية وبرامج تدريبية تُعنى بتنمية الجوانب النفسية والاجتماعية. كما شدّد على أهمية التدريب المستمر للمعلمين على كيفية التعامل مع التحديات النفسية التي قد تواجه الطلاب، لضمان تحقيق تواصل فعّال وتوفير دعم حقيقي.

وفي سياق آخر، أكد على ضرورة مواءمة المناهج التعليمية مع متطلبات العصر الحديث، بما يعزز مهارات التفكير النقدي، وحل المشكلات، والإبداع لدى الطلاب. وأشار إلى أهمية تكامل هذه المناهج مع تقنيات التعليم الحديثة والابتكارات التكنولوجية، مما يُسهم في إعداد جيل قادر على مواكبة التحولات السريعة في سوق العمل.

وأشار السيد ميرزا كذلك إلى أن التعليم لا يقتصر على الجوانب الأكاديمية فقط، بل يجب أن يشمل غرس القيم الإنسانية والمواطنة العالمية. ودعا إلى إدماج موضوعات مثل التفاهم الثقافي، والتنوع، والتسامح، في المناهج الدراسية، بهدف تعزيز التعايش السلمي بين الطلاب من مختلف الثقافات والجنسيات. وأضاف أن البحث التربوي يجب أن يولي اهتمامًا خاصًا بكيفية تطبيق هذه القيم على أرض الواقع، لضمان تأثيرها الإيجابي على الأجيال القادمة.

وأضاف السيد ميرزا أن قضايا الاستدامة البيئية تحظى باهتمام الباحثين عالميا، مؤكدا على أهمية تطوير مناهج تعليمية تُركز على الوعي بقضايا التغير المناخي والاستدامة، مشيرًا إلى دور التعليم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأضاف أن هناك توجهًا متزايدًا نحو تطوير أدوات تقييم مبتكرة تعتمد على قياس الفهم العميق بدلاً من الحفظ التقليدي، وأن تحليل البيانات الضخمة أصبح أسلوبًا محوريًا لدعم القرارات التربوية المستندة إلى الأدلة. كما أكد على أهمية تبني أساليب تعليمية حديثة مثل التعلم القائم على المشاريع، واستخدام الألعاب التعليمية، والتعلم النشط الذي يعزز مشاركة الطلاب وتفاعلهم.

كما أشار السيد ميرزا إلى إلى أن التعليم يجب أن يظل أولوية حتى في أصعب الظروف. كما شدد على أهمية التعلم مدى الحياة من خلال تصميم برامج موجهة للبالغين والمهنيين، مما يُمكّنهم من مواكبة التطورات السريعة في سوق العمل.

اختُتمت الندوة بإجماع المشاركين على أن البحث العلمي التربوي يُمثل أداة استراتيجية لتطوير الأنظمة التعليمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأشادوا بدور الجامعة الأردنية في دعم الابتكار التربوي وتعزيز مكانة الأردن كمركز إقليمي للبحث العلمي في العالم العربي.

المصدر: شؤون تربوية

مواضيع ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *