آثار الاكتظاظ في الصفوف المدرسية!
آثار الاكتظاظ في الصفوف المدرسية!
الدكتورة ميسون محمود شعيل
المدرسة مؤسسة تربوية وعلمية، لها أهدافها التربوية والوطنية التي تسعى إلى تحقيقها، من إعداد جيل واع يخدم نفسه ويخدم أمته ومجتمعه، من خلال توفيرها للبيئة المدرسية والصفية الآمنة والمناسبة للطلبة وللمعلمين، ولبيئة المدرسة الدور الفاعل في نجاح عملية التعليم، والتي أصبحت مواصفاتها التربوية والتعليمية واضحة وراسخة ومحددة علميا وتربويا وهندسيا في مختلف دول العالم.
وطنيا ونتيجة لأسباب وعوامل عديدة نجد أن الاكتظاظ الصفي أصبح ظاهرة تهدد نجاح العملية التعليمية، فالعدد الكبير للطلبة داخل الصف الدراسي الواحد، والذي يزيد عن 40 طالباً في العديد من المدارس يعرقل العملية التعليمية. ويشير الاكتظاظ الصفي لحالة يكون فيها عدد الطلبة مرتفعاً بالفصل الدراسي، بحيث يفوق الطاقة الاستيعابية الكفيلة باحتضانهم في ظروف وشروط تربوية مثلى تمكن المدرسة والمعلم من تحقيق الأهداف التعليمية التعلمية ( وزارة التربية والتعليم ، 10، 2008، المشار إليه دباب، 2019)، وبالتالي ازدياد عدد طلبة المدرسة عن العدد المحدد والمطلوب، داخل الصف الدراسي، ويقف خلف هذه الظاهرة الزيادة السكانية الكبيرة في الأردن، ويترتب عليها مجموعة من الآثار السلبية، من الناحية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، ومن ضمنها تحسن وتتطور الرعاية الصحية، والزواج المبكر، والهجرة، حيث بلغ عدد السكان قرابة 11 مليون نسمة.
وللأزمة السورية دور مباشر في الاكتظاظ الصفي نظرا للأعداد الهائلة من الطلبة الذين وفدوا فجأة للمدارس الأردنية. كما أسهمت هجرة الطلبة من المدارس الخاصة للحكومية في تعقيد المشكلة من خلال انتقال عدد كبير من الطلبة من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية بسبب غلاء المعيشة، وارتفاع أقساط المدارس الخاصة، وانتشار جائحة كورونا، والاعتماد على التعليم عن بعد، وتشير آخر إحصائيات أن عدد المنتقلين للمدارس الحكومية بلغ 130 ألف طالب وطالبة.
إن لظاهرة الاكتظاظ آثار بالغ الخطورة على المعلم والطالب والنظام التعليمي، ولعل من أبرز هذه الآثار ما يسمى الاحتراق النفسي، وهو حالة نفسية تصيب المعلم بالإرهاق نتيجة الأعمال الزائدة عن طاقته، وضغوطات العمل مما يؤدي به إلى نظرته السلبية نحو ذاته، وتؤدي للإجهاد الانفعالي، ونقص الشعور بالإنجاز، وعدم التوازن ( نصير، 2019).
كما تسبب للمعلم القلق، حيث صرح أكثر من 70% من المعلمين بأن الصفوف ذات الأعداد الكبيرة تزعجهم وتقلقهم، وإن المعلم لا يستطيع معالجة الضعف الدراسي في الصفوف الكبيرة الحجم، وعدم إتاحة الفرصة لجميع الطلبة في المشاركة الصفية، وبالتالي يؤثر سلبياً في موضوعية ودقة التقييم ومتابعة أداء الطلبة، ورصد علامات الطلبة بشكل دقيق، كما يعوق استخدام المرافق التعليمية والمشاغل المدرسية بالشكل المناسب، من مثل الوسائل التعليمية، والمكتبة، والمختبر والحاسوب، وبالتالي يؤدي لتدني التحصيل الدراسي، ولعل من أكثر الفئات تأثرا بخطر هذه الظاهرة الصفوف الأولى كونهم في مرحلة اكتساب المهارات الأساسية وتحديدا لمهارتي القراءة والكتابة، حيث الطلبة لا يتلقوا التدريب الكافي من قبل معلميهم على مهارتي القراءة والكتابة وبالتالي ضعفهم في مهارات أساسية تشكل البوابة للعبور للمستقبل وتلقي العلم والمعرفة والمهارة في بقية المواد الدراسية (عواد،2010).
لذلك فإن الحاجة ماسة اليوم لإيلاء هذه المشكلة العناية وإيجاد الحلول العلمية الناجعة لها واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف تفاقمها من خلال التوسع في بناء المدارس وإضافة الغرف الصفية ومنح القطاع الخاص مزيدا من التسهيلات للاستثمار في المدارس الخاصة.
المصادر:
دباب، زهية (2019). اكتظاظ الصفوف الدراسية وتأثيره على التحصيل العلمي للطلبة الجامعيين: دراسة ميدانية على عينة من طلبة جامعة محمد خيضر بسكرة، المجلة العربية للعلوم التربوية والنفسية، المؤسسة العربية للتربية والعلوم والآداب، جامعة محمد خيصر بسكرة – الجزائر، (9)، 16- 33.
عواد، سلام وآخرون (2010). أثر اكتظاظ طلبة الصفوف من الخامس حتى السابع على التحصيل الدراسي في المدارس الحكومية، رسالة المعلم، وزارة التربية والتعليم، الأردن – إدارة التخطيط والبحث التربوي، 49،(1،2)، 31-35.
نصير، تماره محمود (2019). الاحتراق النفسي لدى المعلمين الذين يدرسون الطلبة السوريين في المدارس الأردنية في محافظة إربد من وجهة نظر المعلمين أنفسهم، دراسات عربية في التربية وعلم النفس، جامعة جرش، الأردن، (113)، 41- 62.