برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة بسمة بنت علي بن نايف، انطلقت اليوم في فندق الرويال، فعاليّات المؤتمر الدولي السابع في النشر الإلكتروني الذي تنظمه وحدة المكتبة في الجامعة الأردنية بعنوان “المكتبات في جيلها الرابع من منظور عملي”.
وفي كلمة له، قال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات إنه مع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعيّ، وإتاحتها للجمهور على نطاق واسع، بات هذا الفرع المعرفيّ، وتطبيقاته المختلفة، حديث الساعة في عالمنا؛ فالمستقبل الذي كنّا نتطلّع له بات أقرب بخطوات مع انتشار هذه الأدوات، والتسارع الكمّيّ في أشكالها واختلاف المهامّ التي تقوم بها كلّ واحدة منها، ما يبشّر بفتوح علميّة هائلة على المدى القريب، ففي عالم الشبكات المفتوحة، الأثر الذي تحدثه البرمجة والتكنولوجيا، يظهر جليًّا في شتّى النطاقات والقطاعات، وليس مجال النشر والمكتبات باستثناء من هذه المعادلة.
وأضاف أنّنا، إذ نتأمّل اليوم في دور الذكاء الاصطناعيّ في البحث العلميّ والنشر الأكاديميّ، نجد أنّه قد بدأ بإعادة رسم خريطة العلم والمعرفة، ومع هذا الترسيم الجديد، علينا أن نكون متطلّعين وحذرين في آن واحد، بصورة تمكّننا من الاستفادة من سرعة استخلاص المعلومات المرجوّة من مصادرها، دون أن نغفل الأمانة العلميّة ومبادئ البحث التي تعلّمناها حتّى باتت جزءًا من شريطنا الوراثيّ، لافتًا إلى أنّ بإمكان الذكاء الاصطناعيّ أن يعزّز روح الابتكار والتقدّم، وبإمكانه أن يمسخ الهويّة التي بنيناها مع تعاقب السنين، مشدّدًا على ضرورة أن نكون حريصين على ما وصلنا إليه حرصنا على التطور والتقدّم.
وزاد عبيدات أنه بوصفنا مؤسّسات علميّةً أكاديميّةً، فإنّ أهدافنا مرتبطة دومًا بأهداف التنمية الاجتماعيّة، وتحقيق الاستدامة بمختلف أوجهها، وعند اقتران هذا الحديث بمناقشة الذكاء الاصطناعيّ بوصفه تقنيةً متطورةً، لا بدّ من الالتفات إلى الفرص التي يتيحها لاحتواء أزمات الاستدامة وتحسين القدرات البشريّة على مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية المعقدة؛ فمن خلال قدرته على تحليل البيانات وتعلّم الأنماط بسرعة فائقة، تنفتح أمامنا آفاق واسعة لفهم أثر الأنشطة البشرية على البيئة وتوجيه سياسات الاستدامة.
وأشار عبيدات إلى أنّه من هنا على وجه التحديد، وجرّاء ما سبق، تنبع المسؤولية الأخلاقيّة القاضية بضرورة الاستخدام الحكيم للذكاء الاصطناعيّ، وذلك بتوجيه الجهود نحو الحفاظ على التوازن البيئيّ والاجتماعيّ، مؤكّدًا أنّ علينا أن نراعي في اعتمادنا للتكنولوجيا الذكية تبعاتها وتأثيرها على البيئة والمجتمع، وأن نوظّفها بما يخدم تحقيق التنمية المستدامة ورفاهية الإنسان بكامل أبعادها.
وبين أنه على الجامعات دور في التركيز على مهارات الطالب خلال دراسته وتزويده بكل ما هو مطلوب، وما هو مطلوب من الجامعات والعودة إلى المناهج وطرائق التعليم.
وبين أنّ مرورنا في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لم ولن يكون خاليًا من التحديات والمخاطر؛ فالخصوصية، والأمان والأخلاقيّات الرقمية، كلّها قضايا تحتاج إلى كثير من العناية والتدقيق والتفكير الاستراتيجيّ، ولا بدّ لنا من العمل الجادّ والدؤوب لوضع إجراءات وقائية مناسبة.
بدوره، أكد أمين عام اتحاد الجامعات العربية الدكتور عمرو عزت سلامة، أن العالم يشهد مرحلة جديدة من تطور المكتبات، إذ تقودها التكنولوجيا والابتكار إلى آفاق جديدة، حيث تمثل المكتبة الحديثة (Library 4.0) مرحلة تكامل التقنيات المتطورة والأساليب التي تركز على المستخدم لتحسين خدمات المكتبة، وهي رؤية تجمع بين القيم التقليدية للمكتبات والإمكانيات التي يوفرها العالم الرقمي.
وأشار إلى أن المكتبات الحديثة لا تعد مجرد تقنية وأماكن للدراسة الهادئة وحسب، بل محاور تعلم ديناميكية، حيث تعزز المكتبات الوصول المفتوح إلى الموارد العلمية وتدعم مبادرات العلوم المفتوحة وثقافة التعلم مدى الحياة ومحو الأمية الرقمية، وتمكين المستخدمين بالمهارات الأساسية للمستقبل.
كما تعتبر المكتبات أيضًا، حسب سلامة، ركيزة أساسية في دعم الابتكار وريادة الأعمال، حيث يمكن للمبتكرين والرواد أن يجدوا فيها المصادر اللازمة لتحقيق أفكارهم وتنمية مشاريعهم الجديدة، وبذلك تساهم المكتبات في تعزيز الاقتصاد المحلي وزيادة فرص التوظيف، كما يمكنها أن تكون واجهة للمجتمعات في مواجهة التحديات الاجتماعية والبيئية وذلك من خلال تنظيم فعاليات توعوية حول الموضوعات الحساسة مثل التغير المناخي والتنمية المستدامة، ما يسهم في تعزيز الوعي والمشاركة المجتمعية للتغيير الإيجابي.
وقال سلامة إنه في عصر الثورة الصناعية الرابعة أصبح لزامًا على المكتبات أن تستفيد من تطبيقاتها، وتسخيرها لتطوير خدماتها والاستفادة منها في خدمة المستفيدين، ولتحقيق ذلك لا بد من توفر المتطلبات البشرية والمادية والتقنية، بالاستثمار في المكتبات وتطويرها لتواكب التحديات والفرص في العصر الرقمي، إذ يمكن للمكتبات أن تكون أداة فعالة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات، ومن خلال التركيز على تقديم خدمات متميزة، وتوفير المصادر والمعرفة، يمكن للمكتبات أن تلعب دورًا حيويًّا في بناء مجتمعات قوية ومتقدمة.
وتحدث رئيس المؤتمر مدير وحدة المكتبة الدكتور الدكتور مجاهد الذنيبات عن فرض الثورة الصناعية لتغيرات في جميع نواحي الحياة، لافتًا إلى أنّ أهم سمة من تلك التغيرات سرعة وتيرتها، فما كان في الأمس حديثًا بات اليوم تقليديًّا؛ حيث فرضت التكنولوجيا الحديثة نفسها بقوة وأصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا رئيسًا في شتى نواحي الحياة.
كما أشار إلى أنّ الجامعات اليوم تعتبر من أهم ساحات وميادين الذكاء الاصطناعي، كونها في الأصل مراكز مجتمعية بحثية، ساهمت وبشكل أساسي في دخول عصر الثورة الصناعية الرابعة.
وقال إنّ اسم المؤتمر جاء من هنا “المكتبات في جيلها الرابع من منظور عملي”، وذلك إيمانًا بالدور الحاسم الذي يلعبه العلم والتكنولوجيا في جهود الجامعة ومكتبتها للانتقال إلى التنمية المستدامة وتعزيز قدرة الجامعة على التنافس العالمي، والذي بدأت به الجامعة بالفعل حيث بدأت تجني ثمار مواكبة التحول الرقمي بعد دخولها ركاب أفضل 500 جامعة في العالم حسب تصنيف QS 2024 للجامعات.
وأضاف الذنيبات أننا نتطلع في هذا المؤتمر إلى نتدارس كافة السبل الممكنة للوصول إلى بيئة علمية بحثية، وتبادل الخبرات ووجهات النظر، من خلال استخدام أحدث السبل التكنولوجية المتاحة عالميًّا باعتبار المكتبة منارة صامدة في توفير مصادر المعلومات العالمية وتوظيف التكنولوجيا لأغراض التعلم وخدمات الباحثين في بحر تتلاطم أمواجه بشدة نتيجة التحول الرقمي.
وخلال افتتاح فعاليات المؤتمر، عرض رئيس مجلس إدارة شركة عبر الخليج لتقنية المعلومات الدكتور صالح الزهيمي تجربة الشركة الناجحة في استخدام الروبوتات واستخدام الذكاء الاصطناعي في مرافق مكتبة بولاية نزوى في سلطنة عُمان.
كما تحدث رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات الدكتور نبهان الحراصي، خلال فعاليات افتتاح المؤتمر، عن الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي والنشر الأكاديمي.
ويتناول المؤتمر ستة محاور رئيسة تتمثل في الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي وجوانبه الأخلاقية والقانونية كتلك المتعلقة باستخدام “ChatGpt”، والاتجاهات التكنولوجية الحديثة مثل البيانات الضخمة والأنظمة السحابية، فيما يتناول المحور الثالث الثقافة الرقمية والتعلم.
ويتشكّل قوام المؤتمر، الذي يمتدّ على ثلاثة أيّام، ويستضيف نخبة من الأساتذة والخبراء في مجال المكتبات والنشر والتقنية الحديثة التابعين لمؤسسات عريقة داخل وخارج الأردن، من ستّ حلقات نقاشيّة، تتوزّع على أيّام المؤتمر.
وفي اليوم الأوّل منه، دارت الحلقة النقاشيّة الأولى حول “الذكاء الاصطناعي: تطبيقات عمليّة”، أمّا الحلقة الثانية، فتتمحور حول “الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي والنشر الأكاديمي”، بينما ستتطرّق الحلقة الثالثة إلى “دور اتحاد الجامعات العربية في تعزيز البحث العلمي في العالم العربي”.
وفي ثاني أيّام المؤتمر، ستتواصل الحلقات النقاشيّة؛ إذ تدور الحلقة الرّابعة حول “الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية”، في الوقت الذي تناقش فيه الحلقة الخامسة “مخاطر التكنولوجيا والإجراءات الوقائية”، أمّا الحلقة السّادسة والختاميّة، فتتحدّث عن “الثقافة الرقمية و المعلوماتية والتعليم”.
ويُشار إلى أنّ اليوم الثالث والختامي للمؤتمر، سيكُرّس لرحلة سياحيّة إلى مدينة البتراء يشارك فيها الباحثون المستضافون خلال أيّام المؤتمر.
المصدر: أخبار الأردنية
Post Views: 217