مؤتمر كلية العلوم التربوية في الجامعة الأردنية: يرصد التحولات المستقبلية الكبرى في التعليم العربي بعين الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة
برعاية رئيس الجامعة الأردنيّة الأستاذ الدكتور نذير عبيدات، انطلقت اليوم في الجامعة فعاليات المؤتمر السّنوي الخامس لكلية العلوم التّربويّة، تحت عنوان “مستقبل التّعليم في الوطن العربي: الابتكار والرّيادة والذّكاء الاصطناعي”، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء من الأردنّ وعدد من الدّول العربيّة.
وشهد حفل الافتتاح حضور رئيس مجلس أمناء الجامعة الأردنيّة دولة الأستاذ الدكتور عدنان بدران، ونواب الرّئيس، وعمداء الكليات، إلى جانب عدد من الشّخصياتِ الأكاديميّة والرّسميّة.
وأكّد عبيدات في كلمتِه الافتتاحيّة أنَّ الذّكاءَ الاصطناعيّ بات ضرورة في العمليّة التّعليميّة، مشدّدًا على أهميّة التّحوّل الرّقميّ في تحسين جودة التّعليم وتوفير فرص تعليميّة متكافئة وفاعلة، مشيرًا إلى أنّ التكنولوجيا أضحت حاجة ملحّة في ظل تسارع التّغيير في العالم الافتراضي.
وأوضح عبيدات أنَّ المؤسساتِ التّعليميّة مطالبة بتطوير أدواتها من خلال توظيف الذّكاء الاصطناعي في التّعليم الشّخصي، وأنظمة التّدريس الذّكيّة، والبحث العلميّ، مشيرًا إلى أهميّة الموازنة بين التّطوّر التكنولوجي والحفاظ على المبادئ الأخلاقيّة والهُويَّة التّعليميّة.
من جهته، دعا رئيس مجلس أمناء الجامعة الأردنيّة الدكتور عدنان بدران إلى إدماج الذّكاء الاصطناعي في التّعليم العربيّ، مؤكدًا أنّ المعلّمَ سيبقى في صلب العمليّة التّعليميّة، مشيرًا إلى أنّ الذّكاءَ الاصطناعي يمثّل فرصة لتعزيز دور المعلّم كمُحفّز للتفكير النَّقديّ، وليس بديلًا عنه.
وأشارَ بدران إلى ضرورة إعادة النّظر في المناهج وأساليب التقييم بما يتواءم مع مستجدات الذّكاء الاصطناعي، مؤكدًا أنّ التّعليم في العصر الحديث يجبُ أن يتحوّلَ نحو مزيد من الكفاءة والمرونة.
بدوره، قال عميد الكلية ورئيس المؤتمر الدكتور محمد صايل الزيود إلى أنه في ظلّ التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تبرز الحاجة الماسّة إلى إعادة التفكير في مستقبل التعليم في الوطن العربي، وهو ما نسعى إلى تجسيده من خلال المؤتمر السنوي الخامس لكلية العلوم التربوية، الذي يُعقد هذا العام تحت عنوان: “مستقبل التعليم في الوطن العربي: الابتكار والريادة والذكاء الاصطناعي”، بمشاركة كوكبة من الباحثين والخبراء والتربويين من الأردن وعدد من الدول العربية.
وأضاف الدكتور الزيود “لقد حرصنا في هذا المؤتمر العلمي المحكّم على أن نعكس رؤية الكلية في دعم البحث العلمي الجاد، وخلق منصة أكاديمية للحوار وتبادل الخبرات حول أبرز التحديات والفرص التي تواجه التعليم في منطقتنا العربية، ولا سيما في ظل التحول الرقمي العالمي، وانتشار أدوات الذكاء الاصطناعي في مؤسسات التعليم، وضرورة الاستفادة منها في تطوير منظومة التعليم برمّتها.”
وبيّن عميد الكلية أن المؤتمر يشمل سبع جلسات علمية متخصصة موزعة على يومَي المؤتمر، ويشارك فيها نخبة من الباحثين من جامعات أردنية وعربية، قدّموا ما يزيد على ثلاثين ورقة علمية تناولت موضوعات معاصرة تتعلق بالقيادة التربوية، وتكنولوجيا التعليم، وأساليب التدريس، والذكاء الاصطناعي، والعلوم النفسية، موضحًا أن “هذه الأوراق تمثّل إضافة نوعية للميدان التربوي، حيث ركّزت على قضايا واقعية، وطرحت حلولًا إبداعية قابلة للتطبيق، مع مراعاة السياقات المحلية والثقافية والتعليمية في العالم العربي.”
وأكد الدكتور الزيود أن المؤتمر يُسلّط الضوء على أهمية التكامل بين البحوث الأكاديمية وصناعة القرار التربوي، مبيّنًا أن الكلية حرصت على تنظيم جلسات نقاشية موسعة تتضمن مداخلات علمية بنّاءة تفتح المجال أمام إثراء الحوار.
كما استضاف المؤتمر في جلسته الافتتاحية شخصيات أكاديمية بارزة على مستوى الأردن والوطن العربي، من بينهم: دولة الأستاذ الدكتور عدنان بدران، والأستاذ الدكتور إبراهيم الجراح، اللذان قدّما رؤًى استراتيجية حول الذكاء الاصطناعي والتحولات المستقبلية الكبرى في التعليم.”
وأضاف قائلًا: “نحن في كلية العلوم التربوية نؤمن بدورنا الريادي في تطوير التعليم، وانطلاق هذا المؤتمر في نسخته الخامسة هو دليل على إصرارنا على ترسيخ ثقافة البحث العلمي، وتوسيع آفاق التعاون الأكاديمي محليًّا وإقليميًّا، وتعزيز الابتكار في مجال إعداد المعلمين وتأهيل التربويين.”
وختم الدكتور الزيود تصريحه بالتأكيد على أن هذا المؤتمر لا يقتصر على عرض أوراق علمية فحسب، بل يُشكّل منصة معرفية وتربوية تفاعلية تسهم في صياغة رؤًى جديدة لمستقبل التعليم العربي، متطلعًا إلى أن تخرج عنه توصيات قابلة للتطبيق تُسهم في رسم سياسات تعليمية أكثر تطورًا وعدالة وابتكارًا، تلبي تطلعات المجتمعات العربية وتواكب التحديات العالمية.
وفي كلمته، أشار رئيس لجنة المؤتمرات في الكليّة الدكتور راتب السعود إلى أهمية المؤتمر في ظل الظروف الّتي تمرّ بها الأمّة العربيّة، مؤكدًا أنّ الابتكار والرّيادة والذّكاء الاصطناعي أصبحت مفاتيح أساسيّة لتطوير النّظم التّعليميّة، داعيًا إلى تبني التعليم الدامج والاهتمام بالفئات المهمّشة وذوي الإعاقة.
وبيّن السعود أنّ اللّجنة استقبلت أكثر من خمسين ورقة بحثيّة، أُجيز منها سبع وثلاثون، وتمّ توزيعها على أربعةِ محاور رئيسة: القيادة التّربوية، والذّكاء الاصطناعي وتكنولوجيا التّعليم، والمناهج وطرق التّدريس، والعلوم النّفسيّة.
وأضاف السعود أن برنامج المؤتمر يتضمّن سبع حلقات نقاشيّة موزعة على مدار ثلاثة أيام، تُناقش خلالها موضوعات متنوّعة من أبرزها توظيف الذّكاء الاصطناعي في القيادةِ التّربويّة، تصميم المناهج، تطوير مهارات الاستيعاب لدى الطّلبة، والتّحديات المتعلقة بتعليم ذوي الإعاقة.
وقدّم الأستاذ الدكتور إبراهيم الجراح، أستاذ الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة في كلية الملك عبد الله الثاني لتكنولوجيا المعلومات في الجامعة الأردنية، محاضرة علمية رفيعة المستوى بعنوان “الذكاء الاصطناعي والتحولات المستقبلية الكبرى في التعليم“، استعرض خلالها أبرز الاتجاهات العالمية في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في النظم التعليمية.
وتناول الدكتور الجراح، وهو أحد أبرز الباحثين على مستوى العالم في هذا المجال، جملة من المحاور الحيوية، من بينها تطور الذكاء الاصطناعي منذ بداياته النظرية وحتى ثورته التوليدية الحديثة، كما سلط الضوء على التطبيقات التعليمية المتقدمة لهذه التقنية، مثل الأنظمة الذكية للتعليم الشخصي، وتحليل تفاعل الطلبة، والصفوف الافتراضية، والتعليم التكيفي، ودور روبوتات المحادثة في دعم المعلمين والطلبة على حد سواء.
وأكد الجراح خلال عرضه أن الذكاء الاصطناعي لا يحل محل الإنسان، بل يعزز من قدراته ويوفر له الأدوات اللازمة لتحقيق كفاءة أكبر وتفاعل أعمق في بيئة التعلم، مشددًا على ضرورة بناء أطر مؤسسية وسياسات واضحة تضمن الاستخدام المسؤول والأخلاقي لهذه التقنيات داخل المؤسسات التعليمية.
وقد استند الدكتور الجراح في عرضه إلى تقارير دولية حديثة – منها تقرير مايكروسوفت 2024 وتقرير البنك الدولي – تبيّن الأثر الفعلي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تخفيض التكاليف الإدارية بنسبة تصل إلى 32% وتحسين الكفاءة التشغيلية والتعليمية في العديد من المؤسسات حول العالم.
ويُذكر أن الدكتور إبراهيم الجراح يُعد من الرواد في مجال الذكاء الاصطناعي على المستويين الإقليمي والعالمي، إذ تم تصنيفه ضمن أعلى 1% من العلماء تأثيرًا في تخصصه بحسب تصنيف Clarivate، كما يقود عدة مجموعات بحثية دولية متخصصة، وشارك في إعداد الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في الأردن، وكان من المساهمين في صياغة الميثاق الوطني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وتأتي مشاركة الدكتور الجراح في هذا المؤتمر تأكيدًا على التزام الجامعة الأردنية وكلية العلوم التربوية بالانفتاح على أحدث ما توصلت إليه العلوم والتكنولوجيا، واستشراف مستقبل التعليم في الوطن العربي في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.
