أصول التربية في المجتمع الإسلامي

أصول التربية في المجتمع الإسلامي

الأستاذ الدكتور حسن أحمد الحياري، كلية التربية، جامعة اليرموك، الأردن

لقد استخدم الإنسان عبر تاريخه المديد، التربية كوسيلة لتحقيق الأهداف المتعددة، التي كان يرى فيها الإنسان، تحقيق سعادته وطموحاته، ولكن هذه الأهداف كانت وما زالت وستبقى متجددة ومتنوعة من عهد إلى آخر، ومن قرن إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر، ومع كل الاختلافات في الأهداف بين القرون، والعهود والمجتمعات، إلا أن التربية ما زالت وستبقى الوسيلة الوحيدة، التي يتسنى للإنسان عن طريقها تحقيق ما تشرئب له النفس البشرية من أهداف تربوية عامة. إن المجتمع الذي لا يؤمن إلا بالمعطيات المادية دون الاعتقاد والتسليم بالأمور الميتافيزيقية، تكون التربية لأبناء هذا المجتمع قد أسست على قواعد وأسس تربوية وعلمية، تحقق لهذا المجتمع أهدافه، التي لا تتعدى الجوانب المادية من هذه الحياة وما يهم الإنسان فقط في حياته المادية، بنسبة ما يسعى هذا الإنسان إلى تحقيقها، عن طريق إعداد كافة الجوانب المتصلة بالبرامج التربوية من وسائل متعددة، وإمكانات بشرية ومادية، وبهذا يكون المجتمع قد اتخذ من التربية وسيلة لتحقيق أهدافه في ضوء نظرة أبناء هذا المجتمع للوجود ولحقيقة الحياة الدنيا، وهذا هو النمط التربوي الذي نلاحظه في هذه الأيام في معظم الدول المادية المتقدمة. أما بالنسبة إلى المجتمع، الذي يعتقد أفراده بالنهج التربوي الإسلامي كإطار فكري لهم في الدنيا، فإن نظرة هذا المجتمع للوجود بما فيه الحياة الدنيا، سوف تختلف عن نظرة أبناء المجتمعات الأخرى، التي لا تؤمن بالنهج التربوي الإسلامي، ويكمن سر هذا الاختلاف بما يعكسه النهج التربوي الإسلامي من أفكار، ومعتقدات، وأنماط سلوكية في نفوس أتباعه، لذلك فإن أهداف هذا المجتمع الإسلامي، تكون اشمل واكبر من أهداف المجتمعات الأخرى، لذلك فإن التربية التي يمكن بواسطتها تحقيق أهداف هذا المجتمع، سوف تختلف عن التربية في المجتمعات الأخرى، بمقدار الاختلاف بين أهداف المجتمع المسلم التي تقودنا إلى غايات متصلة بحاضرنا ومستقبلنا في هذه الدنيا، وأهداف أخرى تقودنا إلى غايات وجودنا في هذا الكون، وهي الفوز بجنات النعيم في الآخرة، هذا بجانب الاختلاف الشامخ بين النهج التربوي الإسلامي، المتبع في المجتمع الإسلامي، والأطر الفكرية الأخرى المتبعة في المجتمعات غير الإسلامية، التي يؤثر بشكل قوي على برامج التربية وانعكاساتها الفكرية، والسلوكية، في شتى الميادين الحياتية. يعد الحديث عن التربية في ضوء النهج الإلهي من أصعب المواضيع التي يمكن أن يتولى القيام بها إنسان. لما لهذا الموضوع من جوانب متعددة متداخلة ترافقها مدركات خاطئة استقرت في أذهان الناس عبر القرون الماضية. هذا بجانب الغياب الفعلي والواقعي للإسلام ومبادئه، من ساحة التطبيق السليم لمدة طويلة من الزمن، وما صاحب هذه المدة من بث المفتريات، وتفشى الممارسات المناهضة لمبادئ الإسلام، في شتى ميادين الحياة، تحت ستار الفتاوى الجائرة، لتحقيق أهداف دنيوية في الحصول على هبات أسيادهم والجلوس إلى فتات موائدهم، وتولي مراكز قيادية في مجتمع شعاره المحاباة والمحسوبية، وتحركه قوى المزاج والشهوة والأنانية، على حساب المبادئ الإسلامية الغراء، التي تنادي بتطبيق القوانين في المجتمع المسلم بين الناس في كافة أمورهم الحياتية. مما أدى إلى انتشار منطلقات فكرية ومبادىء ثقافية تجافي بقوة ما تدعو إليه الآيات القرآنية الحكيمة وما بينته السنة النبوية الشريفة، حتى أمسى أفراد المجتمع ومؤسساته يمارسون ثقافة هلامية فوضوية، أدت بهم إلى السقوط في أحابيل الأعداء ومخططاتهم، وهذا ما يجسده بدقة واقع أغلب المجتمعات الإسلامية. مما أدى إلى إنتشار منطلقات فكرية ومبادىء ثقافية تجافي بقوة ما تدعو إليه الآيات القرآنية الحكيمة وما بينته السنة النبوية الشريفة، حتى أمسى أفراد المجتمع ومؤسساته يمارسون ثقافة هلامية فوضوية، أدت بهم إلى السقوط في أحابيل الأعداء ومخططاتهم، وهذا ما يجسده بدقة واقع أغلب المجتمعات الإسلامية. *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة.

  • لا يجوز الاقتباس واعادة النشر للمحتوى المنشور إلا بموافقة رسمية من موقع شؤون تربوية.

مواضيع ذات صلة