التعليم عبر وسائل التواصل الإجتماعي!
التعليم عبر وسائل التواصل الإجتماعي!
الدكتورة جهاد محمد نجيب السيد، أصول تربية، الأردن
شهدت بدايات القرن الحادي والعشرين الكثير من التطورات والتغيرات السريعة والمذهلة، وخصوصاً في مجال الاتصالات، حيث ساهمت الثورة المعلوماتية والتكنولوجية بما تملكه من وسائط وتقنيات حديثة ومتطورة في تقريب المسافات، وتسهيل عملية التواصل بين الأفراد في العالم أجمع، مما جعل العالم الكبير عبارة عن شاشة صغيرة ينتقل الفرد من خلالها إلى عالم افتراضي يحوي الكثير من المثيرات والمعلومات خصوصاً بعد كثافة انتشار تقنية الهواتف الذكية بين الأفراد.
ويعتبر التواصل من الضرورات الأساسية في الحياة للتفاعل مع الآخرين ونقل الأفكار والمفاهيم من المرسل إلى المستقبل، فعلى الصعيد الاجتماعي تكمن أهمية التواصل في بناء العلاقات بين الأفراد، أما على الصعيد التربوي فيعد التواصل من الضرورات الحتمية لعملية نقل الأفكار والمعلومات وتبادلها بين جميع الأطراف والعناصر المشاركة في العملية التعليمية التعلمية من خلال استخدام كافة طرق التواصل سواء الشفهية منها أم الكتابية أم وسائل التواصل الإلكترونية التي أثبتت مقدرتها وفعاليتها في تسهيل عملية التواصل لخدمة العملية التعليمية التعلمية والوصول إلى الأهداف المنشودة للمؤسسات التعليمية ( إبراهيم، 2014).
ومع كثافة انتشار الشبكة العنكبوتية (الانترنت) بدأ العالم المعاصر يعتمد و بصورةٍ تدريجية على التواصل الالكتروني من خلال الشبكات الاجتماعية الرقمية ومشتقاتها كالفيسبوك(Facebook)، وتويتر(Twitter)،ويوتيوب ( (YouTube، وغيرها من الشبكات الاجتماعية ( غيطاس، 2011). حيث تعد هذه الشبكات الاجتماعية من أحدث وأهم مفرزات الثورة المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصالات، وأقوى أدوات الجيل الثاني من التعلم الالكتروني، وأكثرها شعبية وانتشاراً في كافة المجتمعات (العمودي، 2009).
وتشير شبكات التواصل الاجتماعي إلى مجتمعات افتراضية تمكن الأفراد من التواصل مع بعضهم البعض بحيث توفر الإمكانية لتبادل الصور والفيديو والتسجيلات والمعلومات والمواد المختلفة عن طريق المواقع الالكترونية المختلفة (السواعير، 2014)، وهي كذلك مجموعة من المواقع المتوفرة على شبكة الويب، يتم من خلالها التواصل بين مجموعة من الأشخاص يتشاركون بالميول والاهتمامات نفسها ( الزهراني، 2013). وهي عبارة عن تطبيقات اجتماعية أنشئت لتسهيل التواصل بين الأفراد مهما بعدت المسافات المكانية أو الزمانية بينهم، حيث يمكنهم من خلالها التعبير عن مشاعرهم و تبادل الأفكار والآراء فيما بينهم، كما تمكنهم من المشاركة في الصور والفيديو مع الأصدقاء، وتسمح لهم بإجراء الدردشة الصوتية، أو الكتابية، أو المرئية؛ وذلك بعد القيام بعملية تسجيل حساب خاص للمستخدم، وبهذا فإن وسائل التواصل الاجتماعي فتحت آفاقاً جديدة وواسعة للتواصل مع الآخرين والتعبير عن الذات بحرية تامة، حيث جعلت العالم عبارة عن غرفة صغيرة في متناول الجميع لتسيطر بذلك على جميع نواحي النشاط البشري.
ويرجع ظهور مفهوم الشبكات الاجتماعية إلى عالِم الاجتماع جون بارنز “John A. Barnes” في عام (1954) حيث كان التواصل يتم من خلال استخدام الرسائل المكتوبة عبر نوادٍ للمراسلة العالمية بحيث تعمل على توثيق العلاقات بين الأفراد من مختلف دول العالم ( الدبيسي والطاهات، 2013). وفي السبعينيات من القرن الماضي ظهرت بعض الوسائل الإلكترونية الاجتماعية البدائية مثل قوائم البريد الالكتروني و نظام لوحة البيانات أو الإعلانات ” Bulletin Board Systems” حيث سهلت عملية التواصل والتفاعل الاجتماعي، وأدت إلى تطوير علاقات الأفراد مع الآخرين ( زين العابدين، 2014 ).
وقد ظهرت شبكات التواصل الاجتماعي بشكلها الجديد عام (1995) على يد راندي كونراد “Randy Conrad” الذي صمم أول موقع الكتروني افتراضي في العالم ليسهل عملية التواصل بينه وبين أصدقائه وزملائه في الدراسة حيث سمي هذا الموقع بـ “كلاس ميتس” Classmates.com” “، وفي عام (1997) ظهر موقع سكس وجريس “Sixdegrees.com” الذي سمح للمشتركين بإنشاء ملفات التعريف والاتصال مع الأصدقاء من مستخدمي الانترنت، وفي بداية العام (1998) من القرن الماضي أصبح هذا الموقع الأول الذي يسمح للمشتركين بتصفح قوائم الأصدقاء، ولكن في عام (2000) أغلق هذا الموقع لأنه لم يحقق الربح المادي لمالكيه (حسانين، 2013). وفي الفترة ما بين ( 1997 – 2000) ظهرت بعض المواقع التي سمحت بإنشاء ملفات تعريف شخصية واختيار للأصدقاء دون شرط الحصول على الموافقة منهم ومن أهم هذه المواقع بلاك بلانت وآسين أفينيو و ماي جينت (Black Plante, Asian Avenue & Mi Gente)، أما في عام (2001) فقد أطلق موقع رايز دوت كوم Ryze.com”” الذي أنشئ لمساعدة رجال الأعمال والمستثمرين بالتواصل مع الآخرين لتسهيل معاملاتهم التجارية، وفي عام (2002) أطلق موقع فرينديستر Friendster”” والذي صمم لمساعدة الأصدقاء على التواصل مع بعضهم البعض (Boyd & Ellison, 2007)؛ وبإطلاق هذا الموقع بدأت مرحلة الميلاد الفعلي لشبكات التواصل الاجتماعي بسبب ظهور تطبيقات الويب (2 )(Web 2.0) والتي سمحت بتطوير المجتمعات الافتراضية وزادت من قدرة وسرعة الأفراد على التفاعل والاندماج والتعاون مع بعضهم البعض ( إبراهيم، 2014). ومع انتشار تطبيقات الويب ( 2) (Web 2.0) بدأت الكثير من المواقع الاجتماعية بالانتشار على الصعيدين المهني وغير المهني حيث ظهرت الشبكة المهنية لينكدان Linkedin” ” (Liu, 2007).
و خلال الفترة ما بين (2002 و2004) بلغت شعبية شبكات التواصل الاجتماعي الرقمية عبر العالم ذروتها بسبب ظهور موقع ماي سبيس “My space” عام (2003)، وهو موقع أمريكي مشهور يقدم معلومات تفصيلية عن الملفات الشخصية كما يسمح للمستخدمين من عرض الشرائح ومشغلات الصوت والصورة ( يونس، 2015)، وفي عام (2004) ظهر موقع فيس بوك ” Facebook” على يد “مارك زوكربيرج” ( Mark Zuckerberg) حيث كان ميلاد هذا الموقع من أهم الأحداث على الصعيد العالمي بسبب ما ناله هذا الموقع من شعبية كبيرة بين الناس خصوصاً بعد انفتاحه على الأفراد خارج الولايات المتحدة ( إبراهيم، 2014)، وقد أتيح هذا الموقع للأعمار التي تزيد عن ثلاثة عشر عاماً ( ابو صعيليك، 2012).
وفي الخامس من فبراير من عام (2005) انطلق موقع مشاركة الفيديو الأول على الصعيد العالمي الذي سمي بـ اليوتيوب “You Tube” وذلك على يد تشاد هيرلي (Chad Hurley) ، و”ستيف تشين” ( Steve Chen) ، و”جواد كريم” ( Jawed Karim ) ، حيث أتاح هذا الموقع إمكانية إضافة مقاطع الفيديوهات للموقع، كما أصبح بالإمكان إرسال الفيديوهات على المدونات الشخصية والمنتديات، كما أتاح الفرصة لعرضها على أشهر الشبكات الاجتماعية كالفيس بوك وماي سبيس وغيرها من المواقع، وفي أوائل عام (2006) ظهر موقع ” تويتر ” (Twitter) على يد “جاك دورزي “( Jack Dorsey) ، و “بيز ستون “( Biz Stone ) ، و ” ايفان ويليامز “(Evan William) وهو عبارة عن شبكة اجتماعية وخدمة للتدوين المصغر بحيث يسمح لمستخدميها بإرسال تدوينات مصغرة لا تتجاوز (140) حرفاً ( حمودة، 2013).
ومع ظهور الجيل الثالث للهواتف الذكية مثل الأيفون والسامسونج فقد ظهرت شبكات اجتماعية جديدة مثل الواتس آب “WhatsApp” التي تأسست عام (2009) من قبل الأمريكي “بريان أكتون” (Brin Acton)، والأوكراني ” جان كوم ” (Jane Com) بحيث أتاحت هذه الشبكة إمكانية إجراء المحادثات والدردشات الفردية أو الجماعية مع الأشخاص الذين يمتلكون هواتف ذكية وتطبيق برنامج “الواتس اب” ومتصلين بالانترنت، وذلك من خلال إرسال الرسائل المسموعة أو المكتوبة، بالإضافة إلى إرسال الصور والفيديوهات والوسائط، ويتميز الواتس اب بسرعة إرسال واستلام الرسائل المكتوبة والصوتية، بالإضافة إلى إمكانية معرفة آخر ظهور لجهات الاتصال الخاصة مع إمكانية الحظر للأشخاص المزعجين ( يونس، 2015)، وفي عام (2010) ظهرت شبكة انستجرام Instagram”” التي تأسست على يد المطور التقني “كيفن سيستورم” ( Kevin Systtrom )وقد أتاحت هذه الشبكة للمستخدم إمكانية التقاط الصور وإجراء التعديلات الرقمية والفلاتر عليها حسب الرغبة ومن ثم مشاركتها مع الأصدقاء ( النوري، 2014).
وقد انتشرت مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة بشكل كبير ومازال انتشارها مستمرأً بين جميع الفئات والأعمار وفي كل المجتمعات رغم اختلاف الجنس والدين واللغة والثقافة، ويتوقع في المستقبل ظهور العديد من شبكات التواصل الاجتماعي وتطورها أكثر، ولكن من الملاحظ أن أكثر وسائل التواصل الاجتماعي انتشاراً واستخداماً بين الناس في الوقت الحالي هي شبكة فيسبوك وواتس آب وتويتر واليوتيوب وانستغرام وذلك بسبب ما تقدمه من خدمات سريعة ومميزة في التواصل والتفاعل بين الأفراد المشتركين بها. وتعد وسائل التواصل الاجتماعي أداة فعالة على الصعيدين الاجتماعي والتعليمي ولها تأثير ايجابي كبير في كافة المجالات والقطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لا سيما في مجال التعليم بحيث برز توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية من أجل تحسين المخرجات (الغملاس والقميزي، 2016)؛ إذ من الممكن استخدام هذه الوسائل في التعليم باعتبارها طريقة مبتكرة تؤدي إلى زيادة جودة العملية التعليمية وتساعد في تعزيز معرفة الطلبة Singh, 2016) & Siddiqui)، بالإضافة إلى مساهمتها في إصلاح المجالين التربوي والتعليمي وتطويرهما وذلك بإضفاء طابع التجديد والإبداع على عملية التعلم والتعليم من خلال دمج مواقع التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية ( الجهني، 2013).
إن ميزة هذه المواقع تكمن في قدرتها الفائقة على نقل وإدارة وتبادل المعلومات والبيانات وجمعها ومشاركتها بين المستخدمين؛ لذلك احتلت مكانة مهمة في جميع الدول ( أبو شريعة، 2013)، فهي أداة جيدة لزيادة التفاعل بين المعلم والطلبة وبين الطلبة أنفسهم لإكمال مهامهم وتجاربهم، كما أنها تساعد على إيجاد حالة من الارتياح والانسجام بين المعلمين والطلبة، بالإضافة إلى ذلك فإنها تقدم مصادر محسنة للمعلومات عبر الأجهزة النقالة والهواتف الذكية(Dan Doa, 2013).
وتعتبر شبكات التواصل الاجتماعي من الوسائل المهمة التي يمكن أن تدعم طرق التعليم مثل التعلم التعاوني والتعلم القائم على حل المشكلات والتعلم المنعكس ( المقلوب)، كما أنها تعزز الثقافة التشاركية بين الطلبة من خلال الحوار فيما بينهم حيث تسهم في ربط وتطوير مجتمع وبيئة التعلم وتسهل عملية تبادل الخبرات في إطاره (Minocha, 2009)، ويمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تؤدي إلى تمكين الفرد من خلال قدرتها على توفير بيئات تعلمية تسمح بإيجاد طرق جديدة للتعلم النشط (Brick, 2012). وقد تسهم تلك الوسائل في حل مشكلة نقص الإمكانات المعملية والوسائل التعليمية وتكنولوجيا التعليم بالمدارس عن طريق استخدام المعامل الافتراضية وبرامج المحاكاة الحاسوبية، كما أنها تتيح للمتعلم الفرصة للتفكير والتعبير عن آرائه وأفكاره بحرية، وزيادة على ذلك فإن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تتيح فرصة للتعلم الذاتي مما يساهم في الحد والتقليل من ظاهرة الدروس الخصوصية ( حسانين، 2013).
ومما لاشك فيه أن مواقع التواصل الاجتماعي تمتلك الكثير من الإيجابيات والمحاسن العظيمة؛ إلاّ أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تحمل في طياتها الكثير من السلبيات أيضاً مثل إمكانية بث مواد غير لائقة وغير متوافقة مع الشريعة الإسلامية والثقافة العربية، وإمكانية تكوين علاقات وهمية وخيالية مع الجنس الآخر، ولكنها ذات أهمية كبيرة إذا ما استخدمت ضمن الحدود الشرعية المتوافقة مع الثقافة والهوية العربية، حيث أنها تعمل على توسيع نطاق الدائرة الاجتماعية، وتسهل عملية التواصل مع الآخرين، كما أنها يمكن أن تسهم في تدريب الطلبة على مهارات القرن الحادي والعشرين والمهارات الحياتية، وتزيد من الثقافة العامة لديهم ويمكن أن تزودهم بالقدرة على حل المشكلات التي تواجههم، وبشكلٍ عام فإن وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر من أهم آليات التواصل وتبادل الآراء والأفكار والقيم بين جميع الأفراد خاصةً الشباب وطلبة المدارس حيث أنها تمثل بيئةً خصبة لنشر ثقافة الشعوب بجوانبها المادية وغير المادية، ومع كثافة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خُلقت الكثير من المخاوف من تأثيراتها السلبية على أهم شرائح المجتمع ألا وهي شريحة طلبة المدارس الذين يعتبرون عماد التطور والتقدم في جميع المجتمعات؛ لذا يتوجب على المعلمين البدء بالتفكير بجدية بإيجاد طرق جديدة وحديثة ومواكبة للتطور التكنولوجي والتقني وذلك بإيجاد أسلوب تعلم فعال ونشط من خلال دمج وسائل التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية التعلمية.
وقد بينت نتائج الاستبيان الإقليمي الذي أجري على الانترنت عام (2014) في (22) بلداً عربياً أن هناك آراء ايجابية حول دمج وسائل التواصل الاجتماعي في التعليم مع ضرورة الوعي بسلبيات هذه الوسائل، حيث كشفت النتائج أن هناك اتفاقاً كبيراً بين المجيبين من أفراد عينة الدراسة المكونة من المعلمين والطلبة وأولياء الأمور على أهمية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في التعليم؛ إذ أنها تؤثر تأثيراً ايجابياً على أداء الطلبة وجودة المدرسين وتشجع على تقاسم المعارف والمهارات كما تعزز كفاءات الطلبة وتساهم في إشراك الطلبة وأولياء الأمور والمدرسين بصورة جماعية ( مرتضى وسالم والشاعر، 2014).
وبناءً على ما ذكر فإن على الجميع الإقرار بأن التكنولوجيا والتقنيات الحديثة ومن أهمها وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، وأنها باتت تؤثر على الأفراد سلباً أو إيجاباً؛ لذا لا بد من استثمار هذه التقنية غير التقليدية في إيجاد تعليم متطور ومتكامل، حيث بات من الضروري على المعلمين تغيير وتطوير أدوارهم التقليدية، والبدء باستثمار كافة الجوانب الايجابية للتقنيات الحديثة لخدمة العملية التعليمية التعلمية والعمل على التقليل من آثارها السلبية على الطلبة من خلال التوعية والتوجيه والإرشاد الدائمين.
وفي ظل التغيرات والتطورات القائمة في هذا العصر الرقمي لا بد من الإشارة إلى الأدوار الجديدة للمعلم التي جعلته داعماً ومرشداً لطرق التعلم المختلفة وفق حاجات المتعلمين وخصائصهم الفكرية والنفسية والإبداعية ( العمودي، 2009) خاصةً وأن احتياجات الطلبة التعليمية متغيرة باستمرار بناءً على أدوارهم المستقبلية، وهذا يتطلب من المعلم تغيير دوره التقليدي ليصبح ميسراً لعملية التعلم في البيئات التي تدمج فيها التقنية في العملية التعليمية، (Malhiwsky, 2010) . ونظراً لأهمية وسائل التواصل الاجتماعي وجاذبيتها والإقبال المتزايد عليها من قبل فئة الشباب وطلبة المدارس فإنه لا بد من تطوير عملية التعلم والتعليم ومواكبة التطور في العصر الرقمي على نحو يوظفها في العملية التربوية والتعليمية من خلال التخطيط الدقيق والسليم لتأسيس شبكة الكترونية متكاملة يستطيع المعلم من خلالها أن يمارس أدواره الجديدة بكل فاعلية، وذلك بتفعيله للتكنولوجيا والتقنيات الحديثة في تعلم الطلبة؛ لذا أصبح من الضروري دمج التكنولوجيا الجديدة في بيئة التعلم الرسمية، وتحديد أدوار دقيقة للمعلمين وتمكينهم من الاستفادة القصوى للإمكانات الكامنة لتلك الشبكات لتوسيع تعلم الطلبة، وذلك لأن درجة اهتمام الطلبة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في عملية التعلم والتعليم مرتبطة نوعاً ما بنشاط المعلم ومدى اهتمامه وتفعيله لوسائل التواصل الاجتماعي في العملية التعليمية (أبو صعيليلك، 2012). ومن هنا تظهر حاجةً ضروريةً لبناء وتطوير المنظومة التربوية والتعليمية بهدف إيجاد بيئة تربوية آمنة وجاذبة تحاكي واقع الحياة المعاصرة، وتسعى لتحقيق التعلم الذاتي المستمر مدى الحياة (العمودي، 2009)؛ لذلك بات من الضروري تبني دور جديد نحو تصميم التعليم واستخدام استراتيجيات وأساليب جديدةً لتقديم المحتوى والتي تدعم الأنشطة التعليمية التزامنية وغير التزامنية، وهذا يتطلب تطوير المعلمين من أدوارهم بحيث يتبنون كافة الأدوات التكنولوجية الجديدة، والشبكات الاجتماعية والعمل على توظيفها وربطها في خبرات المتعلمين خاصةً وأنها تعتبر من أهم الوسائل الجاذبة للطلبة في العصر الرقمي (عبد اللطيف، 2012).
ومن جهةٍ أخرى لا بد من الإقرار بالتغيير الحاصل في خصائص الطلبة أنفسهم والتنبه إلى أن طلبة هذا الجيل أصبح لديهم توقعات مختلفة عن التعلم والتعليم؛ إذ أن التعلم بالطرق التقليدية سيصبح أكثر صعوبة مع هذه الأجيال الجديدة للحصول على تعلم فعال لذلك لا بد لمزيد من المرونة من خلال استخدام وسائط بديلة للتعليم، وبالتالي فإنه يجب على المعلمين إعادة التفكير في الاستراتيجيات التربوية الحالية وتغيير نظرتهم نحو التكنولوجيا من خلال دمج التعلم المتنقل وتسخير وسائل التواصل الاجتماعي لخدمة العملية التعليمية؛ إذ تعتبر وسيلة جيدة لتلبية احتياجات الطلبة في الجامعات والمدارس في العصر الرقمي (Pollara, 2011).
إن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في البيئة التعليمية أصبح ضرورياً في القرن الحادي والعشرين لتحقيق النجاح في الحياة والعمل والدراسة، لذلك لا بد من الجميع سواء معلمين أم طلبة امتلاك القدرة على تطبيق هذه التكنولوجيا بشكل فعال والعمل على استخدامها كأداة للبحث، والتنظيم، والتقييم، بالإضافة إلى إتقان مهارات القرن الحادي والعشرين المتمثلة في القدرة على التفكير الناقد والإبداعي، والقدرة على التعلم الذاتي والمستمر مدى الحياة، وبما أن هذه المهارات ضرورية جداً للحصول على النجاح فهناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المعلمين لتأهيل الطلبة لمواجهة تحديات هذا القرن وتدريبهم على المهارات اللازمة لمواجهة هذه التحديات والعمل على تطوير العملية التعليمية التعلمية بما يتناسب مع تطورات العصر، وذلك من خلال دمج التقنيات الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي في بيئة التعلم وتفعيلها كأدوات تعليمية غير تقليدية لتهيئتهم لمواجهة المستقبل.
- لا يجوز الاقتباس واعادة النشر للمحتوى المنشور إلا بموافقة رسمية من موقع شؤون تربوية .
- المصدر