برنامج «أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم»
برنامج رائد يتناول «أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم» لتسليط الضوء على سيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، واستلهام الدروس والعبر من أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام. ويستعرض البرنامج القطري نماذج من حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخلاقه وتعامله مع أزواجه وأهل بيته، وكذلك معاملته لأصحابه ومحبته لهم. وعرضت صحيفة العرب القطرية تفاصيل البرنامج بالقول أن الحلقة الرابعة من البرنامج الذي يعده الأستاذ محمد الشبراوي، وقدمها الإعلامي سالم الجحوشي، سلطت الضوء على على موضوع «النبي وتوجيه النصيحة».
وقال الأستاذ سالم الجحوشي، إن الإسلام لم يأتِ لقمعَ الغرائزَ الإنسانيةَ، بل يُنظِّمَها وَفْقَ ضوابِطِ الشارعِ الحكيم «يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ»، لافتا إلى حرص الهدي النبوي على الانتقال بالمرء من هوى النفس إلى طاعةِ اللهِ بالإقناعِ والحوار وليس بالقمعِ والترهيبِ ونفيِ الجِبِلَةِ البشرية.
ويقدم أنموذجا لذلك عندما يجلسُ صلى الله عليه وسلم في المسجد، ويأتيه شابٌ في مُقْتَبَلِ العُمر، يطلب من رسول الله أن يُرخِّصَ له في اتباعِ شهوةِ نفسِه! لم يتوقع الناس أن يُطلب شيءٌ كهذا من رسول الله، وصاح بعضهم ينهرُ الشابَ، لكن النبيَّ – وقد علَّمه ربُّه – يُدركُ ضعفَ النفسِ البشرية، ولا يقمعُ طبيعَتَها وإنما يعالجُها برفق وتلطُّف.
أشار المصطفى للشاب فاقتربَ منه، ثم سأله – بأبي هو وأمي- سؤال الوالدِ المُشْفِقِ الحنون: أتحبُهُ لأمِّكَ؟ أتحبُّهُ لابنتِك؟ أتحبُّه لأختِك؟ – وفي روايةٍ: أفتحبُّه لعمتِك؟ أفتحبه لخالتك؟- أفاق الشاب من سَكْرَةِ الشهوة وتحركت في نفسِهِ شهامةُ العربي ونخوتُه، وأجابَ بكلِّ مشاعره: لا، وجعلني الله فداك يا رسول الله! وهنا ورد عليه الصادق الذي لا ينطقُ عن الهوى:» وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، وبناتهم وأخواتهم وعماتِهِم وخالاتِهِم».
وأضاف: تدرَّج النبي في الرد، ولم يقمعْ الشاب أو ينهرْه أو يخاطبْه باستعلاء، ولم ينتهِ الأمرُ عند ذلك، بل وضع النبيُ يدّه الشريفةَ على صدرِ الشاب ودعا له قائلًا «اللهم طهِّر قلبَه، واغفر ذنبَه، وحصِّن فرجَه»؛ فلم يكن شيءٌ أبغضَ إلى هذا الشابِ من الفاحشةِ بعدما جاءَ يطلُبُ الترخيصَ له فيه! قال تعالى (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا).
وتابع: نلمح في هذا الموقف النبوي منطِقًا لا يرتكز على التشنُّج والصُراخِ والحملِ على الإذعانِ والرضوخ، وإنما حوارٌ مدارُهُ العقلُ والطبعُ السوي، مما يحثُّ النفسَ على القبولِ والامتثالِ الاجتماعي المبني على الاقتناع والرضا، وليس نتيجةَ مُطاوعةٍ يفرضُها خوفٌ من الرفضِ الاجتماعي أو خَشيةُ السلطة.
وأوضح أن هذا المنهج النبوي جاء استجابة وتطبيقا لقوله تعالى ( ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، كما تمثَّل النبي الكريم أمر الله لموسى وهارون حين أرسلهما لفرعون (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ)، مؤكدا أن هذا ركنٌ ركينٌ في أدب النبوة وفحوى الرسالة، وليس ما يروِّج له المُغرِضون وكارهو الحق من أن الإسلامَ دينُ عُنفٍ ودماءٍ وترويعٍ للآمنين.
وقال: إن أفضلَ صورةٍ نقدمها عن الإسلام تتلخصُ في أن نمتثلَ خُلُقَ النبي الكريم، وأن نتحاور بحكمة ولُطفٍ وهدوء، وأن ننصحَ للنصيحةِ والبلاغ، وألا ننصح على شرطِ القبولِ، وأن نتمسكَ بالحقِ دون أن نتشنَّجَ أو نخرُجَ عن شعورنا، وإلا لخسرنا الحقَ والخُلُقَ معًا.
المصدر: صحيفة العرب القطرية