في اليوم الدولي للتعليم “التعليم من أجل سلام دائم” دفنته إسرائيل تحت أنقاض مدارس غزة
في يومه الدولي “التعليم من أجل سلام دائم” دفنته إسرائيل تحت أنقاض مدارس غزة”العلم يبني بيوتا لا عماد” لكنه في أيامنا هذه اكتسى قيمة أخرى تضاف الى قيمه العظيمة هي أنه وسيلة لتحقيق السلم والسلام والأمن المجتمعي ونبذ الكراهية وترسيخ قيم التسامح والتآخي والاحترام المتبادل بين الناس.
وتعترف الحكومات والوكالات الإنسانية والباحثون بالتعليم على أنه أحد أكثر الأدوات فعالية لتيسير السلام الإيجابي، في الوقت الذي يشهد العالم فيه احتداماً للنزاعات العنيفة المقترنة باستفحال مُقلق للتمييز والعنصرية وكراهية الأجانب وخطاب الكراهية.
لكن الشعار الذي رفعه اليوم الدولي السادس للتعليم الذي يصادف غدا الأربعاء: “التعلم من أجل سلام دائم” يصطدم بواقع أليم في قطاع غزة دمر الاحتلال الاسرائيلي خلال هجمته اللاإنسانية كل المعاني السامية للعلم والتعلم، ودمر المدارس والجامعات وعمّق الفجوة بين العلم وغاياته السامية، إذ تضررت 94 مدرسة وجامعة بشكل كلي و295 مدرسة بشكل جزئي، بحسب بيانات رسمية.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغت حصيلة الشهداء من الطلبة نحو 3,117 شهيداً وشهيدة، و 130 من المعلمين والإداريين في مدارس القطاع، وتدمير البنية التحتية لعدد كبير من المدارس وحرمان 608 آلاف طالب وطالبة من حقهم بالتعليم المدرسي، ورغم كل هذا هناك يشي مشهد طفلة من غزة، وقد علت الفرحة جبينها وهي تنتشل كتبها المدرسية من تحت أنقاض بيتها المهدّم بشيء مختلف: إنها تعيش على أمل أن تغترف من صفحات كتبها علما كي تنقله يوما لفلذات الأكباد المتعطشين له.
منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) تشير بهذه المناسبة الى أن هناك 250 مليون طفل وشاب غير ملتحقين بالمدرسة يُنتهك حقهم في التعليم، و763 مليون شخص أميّ من الكبار، مشددة في توصية لها على مكانة التعليم المركزية من أجل السلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، في حين تعرّف مجموعة عمل التثقيف في مجال السلام في (اليونيسف) مصطلح التثقيف أو التعليم في مجال السلام بأنه “عملية تعزيز المعرفة والمهارات والمواقف والقيم اللازمة لإحداث تغييرات في السلوك، من شأنها تمكين الأطفال والشباب والكبار من منع الصراعات والعنف؛ ومن ثم حل النزاع سلميا وخلق الظروف المواتية لتحقيق السلام سواء على المستوى الشخصي أو بين الأشخاص أو المجموعات، وكذلك على المستوى الدولي.
الناطق الإعلامي بوزارة التربية والتعليم الدكتور أحمد المساعفة قال: إن الوزارة تسعى إلى ترسيخ قيم المساواة ومعاني السلام من خلال السياسات التربوية التي تنتهجها والإجراءات التطبيقية في الميدان التربوي، مشيرا الى أن من أهداف الوزارة تقدير إنسانية الإنسان وتكوين قيم واتجاهات إيجابية نحو الذات والآخرين والعمل والتقدم الاجتماعي، وتمثل المبادئ الديمقراطية في السلوك الفردي والاجتماعي.
وأشار إلى أن الوزارة تعكس هذه القيم ضمن مناهجها الدراسية، وتقوم الكوادر الإدارية والتدريسية بترسيخ هذه القيم وتنفيذ الأنشطة والفعاليات المدرسية.
المستشار التربوي فيصل التايه، أشار الى أن “اليوم الدولي للتعليم” لهذا العام يؤكد أهمية التعليم في بناء المجتمعات، والدور الذي يضطلع به التعليم في تحقيق السلام والتنمية، فالتعلُّم ضرورة حتمية لتحقيق هذه الغاية، مشيرا الى أن العالم يمتلك يحمل الإرادة السياسية لدعم خطوات توفير التعليم الجيد والشامل للجميع على حد سواء دون أي تمييز أو تفرقة من أجل سلام ينعم به من يعيش في كوكبنا.
واعتبر التايه شعار “التعلم من أجل سلام دائم”، صرخة لما يشهده العالم من نزاعات عنيفة مقترنة باستفحال مُقلق للتمييز والعنصرية والكراهية متجاوزاً كل الاعتبارات، مؤكدا أن من واجب الجميع تمكين المتعلّمين من جميع الفئات العمرية لتفكيك أي خطاب يدعو الكراهية، وإرساء الأسس لمجتمعات قوامها الشمولية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان بالعيش بسلام وأمن.
وشدد التايه على ضرورة التذكير بالآثار التي خلفتها حرب غزة خاصة نسف عدد كبير من مدارس القطاع، وتدمير الحياة التعليمية في القطاع وصعوبة عودة الطلاب إلى التعليم بعد هذا الكم الهائل من الدمار والخراب في انتهاك واضح لكافة القوانين والمواثيق والأعراف الدولية التي تضمن حماية المدنيين والمؤسسات التعليمية وحرمتها، وحماية حق أطفال فلسطين وطلبة المدارس في الحياة والتعليم.
أستاذ علم النفس التربوي في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حابس العواملة، أكد أن الإنسان حين يعيش في مجتمع يعمه الوئام والاستقرار، فإنه يوجه كامل طاقاته الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والبنى التحتية لخدمة المجتمع.
وأشار العواملة إلى أن الأردن من الدول السباقة والرائدة في التعايش السلمي والحضاري مسترشدا أهداف التعليم والأهداف التربوية من قيم الإسلام الحنيف، مشددا على أهمية أن تركز سياسة التعليم في أي بلد على ترسيخ قيم المساواة والعدل، والديمقراطية والمشاركة، ونبذ الكراهية والعنف، وتشجيع البحث العلمي؛ فكلما ازداد التعليم بين فئات المجتمع الواحد، ازداد السلام المجتمعي.
وأشار الى أن ما نراه من وحشية العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي أدى إلى دمار البنية التحتية من مدارس وجامعات ومساجد ومستشفيات ومنازل، وأباد حضارة شعب بأكمله؛ فإن إعادة إعمار هذا الدمار يحتاج إلى وقت طويل، في الوقت الذي تتردى فيه برامج التعليم، وتقل الخدمات الصحية، ويزداد الفقر، وتتجذر الأمية بين الأفراد وخاصة في الأعمار الصغيرة، ويزداد الجوع ويتدنى المستوى الصحي، ويرتفع معدلات الوفيات بين الأطفال، فكل هذا ناتج عن الحروب.
وأوضح أن التأثير النفسي للحروب ستنعكس على أفراد المجتمع، وستخلف جيلا غير قادر على التعايش مع مفاهيم السلام والتآخي بعد أن تلقت هذه القيم أكبر طعنة من عدو تنكر لإنسانية الإنسان.
يشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت إعلان يوم 24 كانون الثاني، يوماً دولياً للتعليم احتفاءً بالدور الذي يضطلع به التعليم في تحقيق السلام والتنمية.
المصدر: وكالة الأنباء الأردنية -(بترا)