محرك سكوبس العلمي وإندثار المجلات العلمية العربية
محرك سكوبس العلمي وإندثار المجلات العلمية العربية
أ.د.يونس مقدادي، جامعة عمان العربية
شهدت المجلات العلمية الصادرة عن الجامعات ومراكز البحث العلمي العربية عقوداً مضت من ازدهاراً في النشر للأنتاج العلمي للباحثين من كافة الدول العربية، والتي رسمت صورة مشرقة وغزارة من الأنتاج العلمي بعد تحكيمه حسب الأصول العلمية والذي لا يقدر بثمن وفي مختلف الاختصصات العلمية انسجاماً مع واقع البيئات العربية. وقد أظهرت تلك المجلات العلمية والقائمين الحرص الكبير للمحافظة على رصانة الانتاج العلمي كماً ونوعاً وذلك بهدف الاستفادة من نتائجه في تحقيق التنمية المستدامة وفي مختلف المجالات العلمية على الرغم من تدني مستوى الدعم المالي واللوجستي المحفز للبحث العلمي بالمقارنة بالدول المتقدمة. وكانت فترة إزدهار نابعة من حرص القيادات العلمية والأكاديمية على ترسيخ ثقافة البحث والانتاج العلمي من أجل تحقيق تغير نوعي هادف في بنية البحث العلمي العربي ورصانته ومنافسته مع البحث العلمي العالمي، وتوسيع مدارك الباحثين المعرفية إنطلاقاً من التغير والتطور الملحوظ في كافة المجالات المعرفية لكافة الاختصصات العلمية.
ولكن وللأسف الشديد نجد هذا الازدهار في حجم النشر للأنتاج العلمي في المجلات العلمية العربية قد بدء يؤول إلى التراجع الكبير في الأونة الأخيرة ولأسباب عديدة وأبرزها توجيه الباحثين في الجامعات ومراكز البحث العلمي للنشر في المجلات العالمية وبشكلٍ خاص المجلات المعتمدة على محرك سكوبس العلمي والمعروف للجميع وذلك لغايات الاندماج مع الانتاج العلمي العالمي وهذا قد يكون مبرراً مقبولاً نوعاً ما ولكن بالمقابل نجد هناك خسارة كبيرة لمجلاتنا العلمية العربية والتي بات معروفاً لدى معظم الباحثين والأكاديمين بإن التزامها بشروط ومعايير النشر فيها قد يفوق مثيلاتها ومنها للكثير من مجلات محرك سكوبس المعتمدة والصادرة عن عدة دول مختلفة والدليل وجود حالات للعديد من البحوث العلمية التي رفضت من مجلات عربية لضعف قيمتها العلمية بعد تحكيمها وقد نشرت بالتالي في مجلات عالمية ومنها مجلات محرك سكوبس ذات الرسوم الخيالية حول العالم وهذا ليس نقداً بل حقائق بدأت تتكشف للكثير من المتابعين.
وبعيداً عن أصول محرك سكوبس والمعروفة للكثير من الباحثين والأكاديمين إذ يجدون كلف النشر الباهضة ضمن قائمة تسعيرية خيالية للكثير لغالبية المجلات والنشر خلال مدة زمنية قياسية من خلال سفراء سكوبس والتي استوقفت الكثير ناهيك عن قناعات الكثير من الباحثين مفادها بإن غالبية مجلات سكوبس ذات توجهات تجارية صرفة لبُعدها عن منطق النشر العلمي المألوف وتوجهاته، ولكن المهم بالموضوع هو في ظل ما نشهده بإن سكوبس بمجلاته قد أصبح يتغول على دوافع الانتاج العلمي للباحثين في الدول العربية وبشكلٍ خاص في المؤسسات التعليمية كالجامعات بإعتبارها الزبون الأكبر له ممثلاً بالانتاج العلمي لأعضاء هيئة التدريس لا بل أصبح النشر في مجلات سكوبس يتمثل بصورة معلنة وصريحة في نصوص تعليمات الاستقطاب والتعين، والترقية، والتقييم الأكاديمي، وغيرها في مؤسساتنا التعليمية العربية كالجامعات.
وبالمقابل نجد رسوم النشر في المجلات العلمية العربية في الغالب بالمجان أو مقابل رسوم رمزية، ناهيك عن الأمر المُحزن والظاهر للعيان بعدم مساواة المجلات العلمية العربية بالمقارنة بالمجلات العلمية المعتمدة في محرك سكوبس وغيرها، وبالتالي لا نعلم إلى أين ستتجه بوصلة الأنتاج العلمي العربي في ظل معادلة سكوبس.
أن تراجع الاقبال على النشر في المجلات العلمية العربية قد أصبح ملفتاً للأنتباه حسب ما يراه المتابعين والذي قد يؤول إلى تفريغ دورها العلمي الريادي في نشر الأنتاج العلمي للباحثين من مختلف الدول العربية، مما دفع المهتمين بمتابعة ما يجري لمعرفة دوافع الأهتمام الملحوظ والانجرار خلف محرك سكوبس ومجلاته وتأثيره غير العادل تجاه النشر في المجلات العلمية العربية.
لذا نتطلع بإعطاء المجلات العلمية العربية الدعم الكافي لرفع سوية تصنيفها عالمياً من قبل صانعي القرار في مؤسساتنا التعليمية والبحثية لتكون مساوية بمثيلاتها العالمية في ظل المؤشرات العالمية للأنتاج العلمي لتبقى هذه المجلات الهوية العلمية للباحثين من مختلف الدول العربية والصديقة بأنتاجهم العلمي بدلاً من الإندثار المرتقب لغالبيتها.
المصدر: موقع خبرني الإلكتروني