نظام التَّعليم “بتيك”.. مسارات تواكب الثورة الرقمية وتحد من البطالة
تركز وزارة التربية والتَّعليم كل جهودها لتجويد نظام التَّعليم في الأردن خاصة نظام التَّعليم المهني والتقني الجديد “بتيك” والذي يعتبر سلاحًا بأيدي الطلبة على المستوى الأكاديمي والمهني في مواجهة مشاكل البطالة، بيد أنَّ المخاوف لدى أولياء الامور والطلبة ما تزال قائمة من خوض التَّجربة الجديدة رغم أنَّها عالمية ومطبقة في الدول المتقدمة وأثبتت نجاحها بشكل كبير.
استطلعت أراء طلبة اختاروا الدراسة على هذا النظام، واولياء أمور شجَّعوا أبناءهم على هذا الخيار المهم، لكن هناك آخرين يشتكون من عدم الجاهزية، رغم أنَّ النِّظام كما يقول مختصون ذو فائدة عظيمة بأهدافه والنتاجات التَّعليمية المحدَّدة له ويحصِّن الأجيال من الوقوع في براثن البطالة، لكنَّهم لم يُخفوا العوائق التي ظهرت امامهم والتي يأملون بأن تكون وزارة التَّربية على دراية بها لتذليلها قريبًا.
ويعتبر نظام التعليم المهني والتقني (btec) نظاما تعليميا معترفا به دوليا، ويقدم من قبل شركة تعليمية بريطانية ريادية في هذا المجال (بيرسون)، ويستخدم لوصف برامج التعليم والتدريب للحصول على الدبلومات في مجموعة واسعة من التخصصات والمجالات بما في ذلك الاعمال التجارية والتكنولوجيا والهندسة والعلوم والفنون والصحة والرعاية الاجتماعية والسياحة والضيافة والعديد من المجالات الاخرى، حيث تشمل البرامج دراسة نظرية وعملية تسعى الى تطوير مهارات الطلاب وتمهد الطريق لهم للعمل او متابعة دراستهم العليا.
في الأردن، التحق العديد من الطلبة في هذا البرنامج لدى العديد من المدارس المعتمدة في هذا المجال، ومن بينها مدرسة سكينة بنت الحسين الثانوية للبنات، والتي قالت مديرتها حنان ابو شهاب إن هذا النظام له العديد من الفوائد من بينها التركيز على المهارات العملية للطالب، إذ يربط بين المعرفة والتطبيق، بحيث يستطيع الطالب ان يطبق ما يتعلمه مباشرة كإدارة الاعمال بالعمل لدى إحدى الشركات مع قدرته على اعداد خطة متكاملة للتكلفة والتسويق وبما يؤهله لسوق العمل، ويجعله قادرا على كسر كل الحواجز المعيقة له لأداء عمله، منطلقا بذلك من القواعد الأساسية والنظريات التي تعلمها ليجسدها على أرض الواقع بكفاءة.
وأضافت ابو شهاب، إن هذا النظام يركز على المهارات الحياتية والشخصية، حيث يعزز من القدرة الذاتية للطالب ويقوي شخصيته.
وبينت أن هناك عدالة في التقييم لأن الواجبات تخضع لتقييم داخلي وخارجي للواجبات التي يقدمها البرنامج وهناك مدقق داخلي يصادق على العلامة ثم مدقق خارجي، وكل واجب له مدة محددة للاستلام والتسليم يلتزم بها الطالب، وهناك معايير لتحقيق النجاح او التفوق او التميز، مشيرة الى أن هناك سبعة مستويات مرتبطة بالمعايير المطلوبة.
وعن سلبيات النظام، اكدن أننا لا نتحدث عن سلبيات وإنماع عن تحديات يواجهها المعلمون في الميدان، لأن الاهل لا يمتلكون المعلومات الكافية عن النظام ويتداولون اشاعات بأن الطالب لا يستطيع استكمال دراسته او ان 5 % فقط هم من يدخلون الجامعة، بيد أن الحقيقة هي أن الطالب يحصل على شهادة استكمال المتطلبات من بيرسون وشهادة انهاء المرحلة الاساسية بالإضافة الى شهادة الامتحان الوطني للدراسة في الجامعات.
وأوضحت ابو شهاب أن الطالب إذا لم يتقدم للامتحان الوطني واستكمل متطلبات بيرسون بإمكانه استكمال دراسته في جامعة الحسين التقنية الحكومية وكلية لومينوس الخاصة، مشيرة الى أن الحد الاقصى للشعبة الواحدة في نظام (بيتك) هو 30 طالبا أو طالبة كي يأخذ كل طالب حقه في المهارات المطلوب اتقانها.
وقالت، إن المدرسة تحتوي على تخصصين هما إدارة الاعمال وتكنولوجيا المعلومات، ويدرس في هاتين الشعبتين 58 طالبة، وأبدت رأيها بإيجابية حول هذا النظام، إذ يعطي التخصص الفرصة للطالب للإبداع لأنه يجعله متخصصا في مجال معين ويفتح له الافاق لتحقيق طموحه.
طالبات التقتهن (بترا) أبدين شغفهن لاستكمال متطلبات النظام، لما له من مجالات واسعة وكونه يوفر فرصا وظيفية في سوق العمل، ويمنح الطلبة المهارات والقدرات اللازمة التي يحتاجها مستقبلا.
واكدن أن المشاغل المهنية مهيأة بأجهزة تقنية ومستلزمات للتدريب في مختلف المجالات التي يحتاجها الطالب خلال فترة الدراسة حيث تلقين دعما وتحفيزا من الاهالي دفعتهن للاستمرار في النظام.
وفيما يتعلق بطبيعة الأسئلة في الاختبارات التي يقدمها النظام، أشرن إلى أنها تعتمد بشكل كبير على رأي الطالب بطريقة علمية وادارية، كما أن الامتحانات تتناسب مع المواد والمهارات التي يتم دراستها، ويتم تقييمها على اساس الاداء العملي والتطبيقي في مجال الدراسة.
من جانبهم أبدى معلمون عددا من الملاحظات حول هذا النظام منها تأخر المناهج في بداية العام حيث أن الأمر يبدو غير واضح لهم، فضلا عن تأخر التدريب، مشيرين الى تحدي أن المناهج تقدّم باللغة الانجليزية وعلى فترات طويلة ومملة في ظل عدم تهيئة الطلبة لهذا النظام.
وأضافوا، إن بعض المعلمات يفتقرن لمهارات الحاسوب، وبالنسبة للبنية التحتية للمدارس لم تكن مهيأة بشكل جيد، كما أن عدد الاجهزة غير كاف في المختبرات، فضلا عن أن المناهج التي تدرس للطلاب فيما يخص تخصص الشعر والجمال فقط اربع مواد، وتم الغاء الرياضيات، إضافة إلى تخصيص وحدتين فقط من مادة اللغة العربية.
الخبيرة التربوية أستاذة الإدارة التربوية في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتورة يسرى يوسف العلي قالت، في إطار تطوير التعليم ورفع جودته وتلبية حاجات سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي تسعى العديد من الدول العربية والأجنبية الى تطبيق هذا النظام لما له من أهمية كبيرة على المسار الأكاديمي والمسار المهني.
وأشارت العلي إلى أن من إيجابيات هذا النظام أنه يسعى إلى تطوير التعليم الثانوي ورفع جودته وتلبية حاجات السوق محلياً وإقليميا ودولياً، بالإضافة إلى التنوع في المسارات التعليمية والتركيز على المهارات العملية والتكامل بين النظرية والتطبيق واعتماده على التقييم المستمر للطالب.
وبينت أن هذا النظام يسعى إلى تعزيز التعليم وتطوير مهارات الشباب من أجل إِباع طموحاتهم المهنية والأكاديمية المستقبلية؛ لأنه يوفر لهم مستقبلاً باهرا في ظل تطوير العلم والمعرفة ومهارات التعليم الحديثة .
وارتأت لتحقيق أهداف هذا النظام، ضرورة تذليل التحديات التي تقف عائقاً أمامه منها: عدم وجود تفسير كاف وشامل للنظام للطلبة وأولياء أمورهم خاصة أن الطالب هو محور العملية التعليمية التعلمية وعدم امتلاك الطلبة والمعلمين والإدارات صورة كاملة عن النظام، مشيرة الى أن التغلب على هذه العقبة يسهم في نجاح هذا النظام التعليمي.
وتولي زارة التربية والتعليم النظام المهني والتقني اهمية قصوى لما له من اثر ايجابي على توفير فرص عمل لخريجيه، وتحرص على دعم هذا التوجه الوطني الذي يتمثل بالعديد من الاجراءات والقرارات التي تعنى بتطوير التعليم المهني والتقني، ومن ابرز هذه الاجراءات زيادة عدد سنوات الدراسة الى ثلاث تبدأ من العاشر، الامر الذي يوفر فرصة للحصول على كوادر بشرية مؤهلة ومدربة لديها القدرة على تلبية حاجات سوق العمل المستقبلي.
والتخصصات التقنية المعتمدة للمستويات الثاني والثالث حسب ما ورد في مطوية الوزارة والمنشور على موقعها الالكتروني، يحصل الطالب بعد استكمال 480 ساعة تعليمية موجهة على شهادة الدبلوما الدولية وينبغي على الطالب انهاء 720 ساعة تعليمية موجهة للمستوى الثالث ومن هذه التخصصات، الهندسة وتهدف الى تزويد الطلبة بالمهارات والكفايات التي تتطلبها القطاعات الهندسية التقنية اللازمة في المصانع والشركات والمشاريع الناشئة والصغيرة مثل الإلكترونيات والاتصالات والكهرباء والميكانيك والطيران وصناعة الاجهزة والالات والصيانة والتكييف والتبريد ومجالات الدراسة الاتمتة وهندسة التحكم والفندقة، هندسة النظم الحاسوبية، الهندسة الكهربائية والالكترونية، هندسة النظم الالكترونية، هندسة التصنيع، الهندسة الميكانيكية، هندسة الميكاترونيكس، الهندسة النووية، هندسة العمليات، هندسة السكك الحديدية، تكنولوجيا الفضاء، والزراعة.
وبحسب الوزارة، فإن من مزايا المسار المهني والتقني (btec) أنه يطور مهارات التعلم الذاتي والمهارات التي يتطلبها سوق العمل، ويعزز التعلم القائم على الكفايات، ويوفر ساعات تطبيقية اكبر من المعتاد، كما أن التقييمات قائمة على الانجاز والمهمات، ويعزز الفهم المستدام لدى الطلبة، ويهيئهم لمهن المستقبل، ويطور المهارات العلمية والعملية والشخصية المطلوبة لسوق العمل.
وبينت الوزارة أن شهادة الدبلوما الدولية (btec) تتيح لطلبة الصفوف من العاشر حتى الثاني عشر المعرفة والفهم والمهارات التي يحتاجون لها للتحضير لسوق العمل او متابعة دراستهم الجامعية في الجامعات والكليات التقنية، مشيرة الى أنه مع الثورة المعرفية والرقمية التي تشهدها البشرية يتزايد الطلب على ايجاد القوى المؤهلة والمدربة على مهارات القرن الحادي والعشرين والحاصلة على شهادات محلية ودولية تتوافق مع حاجات سوق العمل.
وقالت، لقد تم اختيار تخصصات مهنية وتقنية من برنامج (بيتك) الدولي تتواءم مع البيئة المحلية والطلب المتزايد على مهن المستقبل التي تتوافق مع متطلبات الاسواق المحلية والاقليمية والدولي، كما سيتم تدريب الطلبة مبكرا على تنمية الكفايات والمهارات الاساسية التي تتطلبها القطاعات التقليدية والناشئة.
المصدر: وكالة الأنباء الأردنية -(بترا)