العمل التطوعي ضرورة تربوية للطلبة
العمل التطوعي ضرورة تربوية للطلبة
الدكتورة حنان نمر الشريدة، الأردن
منذ خلق الإنسان بدأ في تشكيل الحضارات، حيث دلت الصور والرسوم الموجودة على المعابد الفرعونية على أن العمل التطوعي يتمثل بمساعدة الآخرين ، وكذلك كان اهتمام الإغريق الأغنياء بالفقراء وأبناء السبيل بتوفير الطعام وتقديم المساعدة ، كما أن الرومان كان العمل التطوعي يتمثل بطبقة النبلاء حيث يوزعون المساعدات على الفقراء وأكدت الفلسفات الإنسانية كالكنفوشية والهندوسية على أهمية التطوع في الحياة الاجتماعية وممارسته كجزء من العبادة التي دعت إليها، وفي الأديان السماوية كذلك ففي اليهودية هناك نصوص تحدد نماذج العمل التطوعي ومنها الوصايا العشرانية نزلت على موسى عليه السلام ومنها النظر للمساكين وتقديم العون لهم ،أما النصرانية فقد جاءت مكملة لليهودية واستمراراً لها في الإحسان ورعاية المحتاج فهناك نصوص تدل على الرعاية الاجتماعية والاهتمام بالأيتام والأرامل ، وفي العصر الجاهلي فقد اتصف العرب بصفات حميدة منها إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج ونصرة المظلوم وقد جاء الإسلام ليحارب الفقر ويقرر التكافل الاجتماعي ويدعو له ويقرر حق الفرد المحتاج على المجتمع المسلم(عبداللطيف، 2011)، فالفرد الذي يعجز ولا يستطيع إعانة نفسه أو إعانة ذويه يصبح المجتمع مسؤولاً عنه ،وكان لعلماء الدين الإسلامي والموسورين دور كبير في الجهود التطوعية التي تعتمد على الفرد والمنظمات الخيرية من خلال شحذ همم أفراد المجتمع للتطوع في أعمال الخير والبر فتأسست المساجد والمدارس والمستشفيات ودور الأيتام وخدمة الحجاج ومساعدتهم.
و حدث تطور كبير في تاريخ ومسيرة العمل التطوعي بظهور المنظمات والجمعيات الخيرية التي أسست بدافع إنساني لمساعدة الجمعيات المحتاجة وإلى تخفيف معاناة المسجونين وأخرى لمساعدة ضحايا الحرائق. وقد بلغ عدد المنظمات الخيرية في أوروبا والاتحاد الأوروبي بنحو مليون منظمة تهدف إلى تقديم المساعدات للفقراء والمعاقين والأطفال ورعايتهم وتأهيلهم وحماية البيئة والأسرة والصحة العامة(جاونج، جو، 2015). و تكمن أهمية التطوع للفرد من خلال منح الأفراد فرصة التعرف على مشكلات واحتياجات المجتمع، وتنمية ثقافة التفاهم والسلام وقبول الآخر، واستثمار أوقات الفراغ وإتاحة الفرصة للفرد في إزهار إبداعاته وابتكاراته، واكتساب مهارات وخبرات حياتية تسهم في تشكيل شخصية، واكتساب قدرات ومهارات فنية تزيد من فرصته للحصول على عمل وترفيه مستواه المهني (الشناوي، 2010، ص 20).
كما تكمن هذه الأهمية في التعرف على الفجوات الموجودة في نظام الخدمات المقدمة في كل مجتمع ومواجهة المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها أفراد المجتمع من خلال استفادتهم من الجهود المقدمة لهم، وتوفير خدمات يصعب على المؤسسات الحكومية تقديمها، وتحويل الطاقات العاجزة أو الحاملة إلى طاقات كاملة منتجة، وأبراز الجانب الإنساني للعمل التطوعي والتأكيد على أهمية التفاعل الاجتماعي بين أفراد المجتمع (سند، 2009، ص 50). وفي حياة كل من الفرد والمجتمع، تظهر أهمية العمل التطوعي، من خلال تحسين مبدأ التكافل والاجتماعي، واستثمار أوقات الفراغ بشكل أفضل وتوظيف الطاقات في مختلف المجالات الإنسانية والاجتماعية للارتقاء بالمجتمع دون انتظار مردود مادي ما يضمن تحقيق الأفضل لكل من الفرد والمجتمع.حيث نسمح ونرى شباباً تم تضيعهم وجرهم لمواقع قتالية خارجية باسم الجهاد، وعلى الجامعة أن تتبنى برنامجاً وقائياً تحتوي فيه هؤلاء الشباب سواء عبر برنامج تطوعي أو بحثي، أو عبر وجود مكاتب استشارية للأسرة تقي من الطلاب، العنف، وربما التطرف الفكريمن خلال المساهمة بالعمل التطوعي وشغل أوقات فراغهم. تشير بعض لدراسات إلى أن عدد الملتحقين في برامج العمل التطوعي من طلاب الجامعات والكليات الأمريكية 3.3 مليون طالب، وفي استراليا كانت 28بالمائة وفي أمريكا 51 بالمائة وفي السويد 19بالمائة وفي روسيا 23بالمائة وفي المجر64.4 بالمائة وفي بلغاريا 42.2 بالمائة (Fagardo,2014).
أما في الوطن العربي فقد أظهرت أن الشباب من سن 15- 30 سنة هم أقل فئة تهتم بالتطوع والعمل التطوعي (فرعون 2010)، وضعف قدرات المنظمات في مجال تهيئة الشباب نحو العمل التطوعي ومحدودية الدور الذي تؤديه. حيث يتمثل دور الجامعة بعداً يربط الجامعة بالمجتمع واحتياجاته وتفاعلها معه وربط مخرجات الجامعة بالمجتمع حيث نجد في كثير من الجامعات المختلفة على مستوى العالم تهتم بذلك ففي الولايات المتحدة الأمريكية تطبق العديد من الجامعات الأمريكية نظام التعليم التطوعي حيث تجد هذه البرامج تفاعلاً وتقديراً من المجتمعات المحلية (الزبيدي، 2006) وتقوم الوحدات المعنية بالتطوع بالجامعة بدراسة احتياجات العمل التطوعي في المجتمع ولتنسيق مع المؤسسات المجتمعية الراغبة في استقبال الطلاب وفي تطوير البرامج المناسبة والتنسيق مع الوحدات والأقسام الأكاديمية لتشجيع برامج العمل التطوعي .
ويتضمن البرنامج الأكاديمي للطالب الجامعي ساعات محددة تحسب على أنها أعمال تطوعية للمجتمع وتدخل ضمن الساعات المعتمدة للبرنامج الأكاديمي والمحصلة النهائية لتطبيق هذه البرامج تعود إلى ما يلي: – زيادة التفاعل والتعاون بين الجامعة والمجتمع . – ربط البرامج الأكاديمية الجامعية باحتياجات المجتمع . – زيادة خبرة الطالب العلمية والعملية وتنميتها في مجال المهارات الاجتماعية والتطوعية . وتضع بعض الجامعات والكليات الأمريكية العمل التطوعي والخدمة العامة ضمن المواد الإجبارية والمتطلبات الأساسية التي يجب على الطالب اجتيازها. ويعتبر برنامج سان فرانسيسكو للتطوع الذي تأسس في عام 1995 مثالاً للبرامج الرائدة في مجال التطوع وغرس قيم العمل التطوعي حيث شارك الطلاب من 100 مدرسة تابعة للبرنامج في مجالات التطوع مع آخر من 3000 مؤسسة (Terano, 2008). إن المستوى المطلوب من المشاركة في العمل التطوعي مرتبط بالتنشئة الاجتماعية والتربية الأسرية والمدرسة والجامعة والتي تهتم جميعها بالجانب التعليمي وعليها الاهتمام بزرع روح التطوع ومضاعفة الجهود لإضافة فيمة التطوع للقيم التي يتحلى بها شخصيات الأجيال القادمة بحيث يكون جزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية . *يجوز الاقتباس واعادة النشر للمقالات شريطة ذكر موقع شؤون تربوية كمصدر والتوثيق حسب الاصول العلمية المتبعة.
- لا يجوز الاقتباس واعادة النشر للمحتوى المنشور إلا بموافقة رسمية من موقع شؤون تربوية.