تشكل التربية الأخلاقية أحد أبرز أركان العملية التربوية ونسقاً حيوياً في نسيج وجودها، وإنه من الصعوبة بمكان الفصل ما بين الأخلاق والتربية، إذ لا يكون أحدها دون الأخر، ذلك أن التربية فعل أخلاقي في جوهره، كما أن الأخلاق فعالية تربوية بطبيعتها، ويتجلى هذا التصور للعلاقة ما بين التربية والأخلاق في رؤية هربرت سبنسر الأخلاقية بأن الغرض الجزئي والكلي من التربية يتمثل في فكرة الفضيلة. وتأسيساً على هذه الرؤية لا يمكن للأخلاق أن تنفصل عن جوهرها التربوي، في الوقت الذي لا يمكن فيه للتربية أن تنقطع عن كونها رسالة أخلاقية في أشمل تجلياتها الإنسانية وأعمقها على الإطلاق، وعلى هذا النحو يصعب تماماً إيجاد الحدود الفاصلة بين التربية والأخلاق، أو بين الأخلاق والتربية، لأن كلاً منهما يرتهن بالآخر، ويتكامل معه في عملية بناء الإنسان والتاثير في سلوكه والنهوض به إلى مستوى السمو الإنساني والأخلاقي. ولما كانت الجامعة مؤسسة علمية تربوية وإجتماعية تعنى بتربية النشئ، وهي التي تختار لهذه الغاية، الخبرات والكفاءات العلمية القادرة على بناء الإنسان المتمكن من العلم والمعرفة و القيم الأخلاقية، فإن كل عمل ونشاط يجري في الجامعة يجب أن يظهر إرتباط عناصر العملية التربوية بالقيم الأخلاقية للمجتمع (ناصر،2006).
وأصبح الدور الذي تؤديه التربية في بناء المنظومة الأخلاقية في المجتمع قضية فكرية تطرح نفسها بقوة في المجال التربوي، وقد عمل Durkheim في هذا الميدان، وبقيت أعماله حول التربية الأخلاقية منارة علمية يمكن للباحثين الإهتداء بها في تناولهم لهذه المسألة الحيوية من حيث طبيعة التربية الأخلاقية ووظيفتها. وبات واضحاً اليوم أن التفكير بالتربية الأخلاقية يطرح نفسه في مواجهة تحديات العنف والتعصب والعدوانية والفساد والغش والطمع والعنصرية التي تفرض نفسها في الحياة الإجتماعية المعاصرة (وطفة، 2011).
إن تربية الطلبة وتهذيب أخلاقهم من أهم الوظائف التي تضطلع بها الجامعة، ذلك أن تربية الطلبة على أخلاقيات الصدق والامانة والوفاء والإلتزام القيمي، وحفظ النفس والكرامة والعزة، والإلتزام بالعمل والواجبات، والإخلاص بالعمل وممارسة الفضيلة، كل هذا يساهم في بناء الإنسان المنتمي لوطنه والإنسانية، إلا إن تعليم كل ذلك يتطلب من الجامعة دور مؤسسي منظم يقوم به كل من أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية والمناهج الدراسية والفعاليات والأنشطة، كما تتطلب قدر من الحرية دون أي تدخل إداري قد يعيق التربية الأخلاقية للطلبة، وأن يتم خلق ظروف وبيئات لتنمية وبناء الأخلاق والفضيلة لدى الطلبة (سلوم، 2009).
إن العملية التعليمية في الجامعة تشكل الركن الأبرز في التربية الأخلاقية للطلبة من خلال المنهج الدراسي والتفاعل التربوي الذي يجري داخل قاعات الدرس والمحاضرات والمختبرات وبما يسهم في في بناء الشخصية والسلوك الأخلاقي لدى الطلبة. حيث يسهم الأستاذ الجامعي في إعداد الطلبة الإعداد القيمي وغرس الأخلاق النبيلة الفاضلة لديهم إضافة إلى دوره الأكاديمي المتمثل بنقل العلوم والمعارف إليهم والعمل على ترسيخها في أذهانهم. وفي ضوء ذلك ينبغي عليه أولاً أن يتحلى بالأخلاق ويتمثلها ويتصف بها وأن تكون قناعته راسخة وحقيقية بدوره الفاعل في التربية الأخلاقية عند طلبته وبالتالي أن يعمل على إبتكار مختلف الأساليب والوسائل الفعالة من أجل تكوين الشخصية الأخلاقية الفاضلة عند طلبته وتعزيزها . وعليه أن يكون قدوة ومثالاً يحتذي به للطلبة في تصرفاتهم وسلوكهم وأن يقوم بدور تربوي وأخلاقي ريادي وإنساني لبناء الإنسان المتحلي بالفضائل والكمالات الأخلاقية.
وينبغي للجامعة أن توجه نشاطاتها اللاصفية من النشاطات الثقافية والإعلامية والفنية والرياضية والترفيهية وغيرها بإتجاه تعزيز القيم الأخلاقية وقيم الخير والحق وتعمل على توجيه الطلبة من خلال هذه النشاطات إلى التربية الأخلاقية الفاضلة والقيم النبيلة التي يسعى المجتمع إلى تحقيقها، وأن تكون برامجها ونشاطاتها الأخرى موجهه بإتجاه هذا الهدف والذي من خلاله تستطيع أن تساهم في التنشئة الأخلاقية الصحيحة والفاضلة للطلبة وبالتالي أبناء المجتمع بصورة عامة.
وفي إطار الإهتمام بالتربية الأخلاقية على مستوى الجامعات، فإن الحاجة ملحة لعملية تربوية شاملة متكاملة تقوم على اُسس علمية تربوية تسند للمؤسسات التربوية والإجتماعية والإعلامية للتربية الأخلاقية لأبناء المجتمع لينعم المجتمع بممارسات قيمية وأخلاقية مسؤولة.
لا يجوز الاقتباس واعادة النشر للمحتوى المنشور إلا بموافقة رسمية من موقع شؤون تربوية.
فلسفة التربية: المحرك والموجه لنهضة الأنظمة التربوية فلسفة التعليم هي فرع من فروع الفلسفة التطبيقية أو العملية المعنية بطبيعة التعليم وأهدافه والمشكلات الفلسفية الناشئة عن النظرية والممارسة التربويين. نظرًا لأن هذه الممارسة موجودة في كل مكان في المجتمعات البشرية وعبرها، فإن مظاهرها الاجتماعية والفردية متنوعة للغاية، وتأثيرها عميق جِدًّا، فإن الموضوع واسع النطاق، ويشمل قضايا…
المسؤولية المجتمعية وتحدي جائحة كورونا كوفيد 19 الدكتورة رويده زهير العابد لقد فرضت جائحة كورونا تحديات وتداعيات، كان وجوباً مواجهتها بحس وطني ومسؤولية مشتركة وبما تقتضيه اعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا ورسالة ديننا وما توجبه انسانيتنا تجاه بعضنا البعض وتجاه مجتمعنا، ذلك أن تكاتف الأفراد بتحمل كل منهم مسؤولياته ونتائج أفعاله بالالتزام التام بإجراءات الصحة والسلامة العامة…
سيادة القانون وصناعة النهضة نعومي تشوي سيادة القانون، تكرس المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، وتؤمن شكلاً غير تعسفي للحكومة، وتمنع بشكل عام الاستخدام التعسفي للسلطة، وبالتالي صناعة نهضة وطنية تتجلى في دولة القانون والمؤسسات والرفاه والحياة الرغيدة للناس. يعتبر التعسف نَمُوذَجِيًّا لمختلف أشكال الاستبداد والشمولية، وتشمل الحكومات الاستبدادية حتى أشكال مؤسسية للغاية من الحكم…
المعلم والتحديات المعاصرة الدكتورة منى أيوب الواكد يُعد النهوض بأي مجتمع مِن المجتمعات غاية تسعى اليها الأمم والشعوب وانظمتها التربوية من خلال جهود مؤسسية وطنية وتعاون مع هيئات ومنظمات عالمية متخصصة. ويعتبر المعلم الركن الأساس الذي يتوجب ان تتوجه اليه جهود التطوير بكل مؤسسية وعمل تربوي وطني مخلص. إن المعلم الذي نريد والقادر على النهضة…
العقاب الجسدي للأطفال ضار ويؤدي لمشاكل عاطفية وسلوكية وأكاديمية! يشير “إيف جليكسمان” إلى أن العقاب الجسدي يشكل خطير حقيقي على حياة الأطفال ونموهم ونضجهم وليس له أي أثر تربوي أو فعالية في تصويب السلوك. ويضيف أن الجمعية الأمريكية لعلم النفس تبنت سياسة جديدة حول عدم فعالية ومخاطر العقاب البدني ضد الأطفال لزيادة الوعي بين الآباء…
القادة العظام! لطفية رباني تعتبر القيادة ووظيفة القائد معقدة وصعبة للغاية، ويعود ذلك إلى الحقيقة الواضحة التي مفادها أن على القادة التعامل مع قضايا وتحديات وظروف مختلفة في الوقت نفسه أي أنها “متعددة الوظائف”. فعلى سبيل المثال، يتعين على القائد في المدرسة التعامل مع قضايا الإدارة (مثل ميزانية المدرسة) وفي نفس الوقت يجب أن يتعامل…
إشترك بالنشرة الاسبوعية
شؤون تربوية يستخدم ملفات تعريف الارتباط ليمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة، يمكنك معرفة المزيد حول كيفية استخدامها
موافقسياسة الخصوصية