الاعتماد الدولي لكليات التربية (CAEP)

الاعتماد الدولي لكليات التربية (CAEP)
أ‌. د. محمد صايل الزيود، أستاذ في قسم القيادة التربوية والأصول، كلية العلوم التربوية، الجامعة الأردنية

تمثل الاعتمادات الدولية للجامعات وبرامجها ضرورة ملحة لضمان الجودة والنوعية فيما تطرحه من برامج علمية وما يترتب على هذه الاعتمادات من تطبيق رفيع المستوى لمعايير ومؤشرات علمية ترتبط بكل تخصص وبرنامج للارتقاء بتدريس وبطرق تدريب الطلبة وتأهيلهم وتمكينهم من المهارات والكفايات والخبرات التي يحتاجها سوق العمل، وبما يضمن تقدم الجامعات المعتمدة عالميا في التصنيفات العالمية والتي تطبق معايير متطابقة مع معايير الاعتمادات الدولية للبرامج والتخصصات المختلفة.

ويبرز في كل مجال علمي تختص به كل كلية جامعية مؤسسات للاعتماد الدولي تتبنى معايير ومؤشرات عالمية مرموقة ترتقي بجودة التدريس والتأهيل والتدريب للطلبة أثناء التحاقهم في هذه البرامج وضمن اشتراطات لجودة البنية التحتية وتوافر آخر المستجدات التكنولوجية اللازمة في البرامج التي تسعى للحصول على الاعتماد.

ويقف على رأس المؤسسات التي تعنى باعتماد كليات التربية عالميا، مجلس اعتماد كليات التربية الأمريكي (CAEP) والذي يتطلب الحصول عليه بناء وقيادة فريق عمل متجانس يعمل بجد والتزام ومسؤولية لتطوير العملية التعليمية، وبالتالي وجود جودة حقيقة لما تطرحه كليات التربية من برامج تعليمية، إلى جانب بناء ثقافة الاعتماد الأكاديمي الدولي لبرامج كليات التربية لدى أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية، خاصة أن هذه الثقافة تواجه مقاومة كبيرة كونا الاعتماد يعني مزيدا من الجهد والعمل في تطبيق المعايير وتوفير أدلة علمية على ذلك من نتاج عمل أعضاء هيئة التدريس والطلبة وجهات التوظيف والجهات التي تشرف على مؤسسات التربية والتعليم العالي والعام.

إن الحصول على اعتماد مجلس كليات التربية الأمريكي يتطلب التدريب لأعضاء هيئة التدريس على كيفية تطبيق معايير الاعتماد الخمسة في تدريسهم من خلال تبسيط هذه المعايير المتمثلة بمعيار المعرفة الأكاديمية والتربوية (البيداغوجية) ومعيار التدريب الميداني والشراكات ومعيار الاختيار والقبول للطلبة بجودة عالية ومعيار أثر وفاعلية البرامج ومعيار ضمان الجودة في برامج إعداد المعلم والتحسين المستمر لها، والتعريف بالمتطلبات الفرعية لكل معيار من المعايير الخمسة وتتمثل بمئة متطلبا فرعيا.

كما يتطلب تدريب أعضاء هيئة التدريس على تطبيق معايير اتحاد دعم وتقييم المعلمين الجدد (Intasc) والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من معايير الاعتماد الخمسة والتي تتضمن مجال المتعلم والتعلم ومجال المحتوى التعليمي ومجال الخبرات التعليمية ومجال المسؤولية المهنية وتتمثل بثلاثمئة مؤشر فرعي يتوجب تطبيقها من قبل جهات عدة تعنى وتتشارك في إعداد طلبة كليات التربية لتأهيلهم ليكونوا على درجة عالية من الكفاءة والقدرة والمهارة.
ويتضمن اعتماد مجلس اعتماد كليات التربية ضرورة بناء الأدوات العلمية لجمع البيانات اللازمة لقياس تطبيق معاييره في كل مادة ولكل برنامج تطرحه كليات التربية وللكلية بشكل مجمل، بحيث يتم بناء أدوات لجمع البيانات الكمية والنوعية من أعضاء هيئة التدريس وطلبة الكلية والمعلمين المشرفين على طلبة التدريب العملي في المدارس ومراكز التربية الخاصة ومن طلبة المدارس والمراكز والمديرين وأولياء الأمور الذين يدرسهم طلبة الكلية أثناء فترة تدريبهم العملي.

كما أن الاعتماد يتطلب وجود نظام لملف المادة الدراسية بحيث يقوم هذا النظام بقياس مستوى تحقق نتاجات التعلم لكل مادة تدرس ولكل برنامج بالربط بين نتاجات التعلم وعمليات التقييم التي تستخدم ونتائج تحصيل الطلبة في كل مادة بحيث يتم التحقق من مستوى تحقق نتاجات التعلم للمواد بتناغم مع تحقق نتاجات تعلم البرنامج الواحد وبشكل تدريجي لكل فصل ولكل دفعة تتخرج من البرنامج ولكل طالب بناء على نتائجه الأكاديمية.

إن إحدى أهم خطوات السير في تطبيق معايير اعتماد كليات التربية الأمريكي وجود فرق عمل أو لجان لكل برنامج للاعتماد الأكاديمي لجميع برامج الكليات وتدريب هذه اللجان على كيفية تطبيق معايير الاعتماد الخمسة ومجالات ومؤشرات اتحاد دعم وتقييم المعلمين الجدد من خلال عقد ورش عمل تدريبية ولقاءات حوارية لتمكين أعضاء هيئة التدريس من التطبيق الصحيح للمعايير وبناء ثقافة الاعتماد الدولي والجودة لديهم، وأن يرافق ذلك التعريف والتدريب للطلبة على تطبيق معايير الاعتماد ومجالات ومؤشرات اتحاد دعم وتقييم المعلمين الجدد من خلال عقد ورش عمل تدريبية ولقاءات حوارية معهم. كما أن البنية التحتية المادية تشكل ركيزة أساسية للحصول على الاعتماد، ويتطلب ذلك التحديث للمرافق التعليمية وتزويدها بالتكنولوجيا اللازمة للعملية التعليمية، بما يضمن تطبيق دقيق للمعايير أثناء تدريس الطلبة وتفاعلهم في القاعات الدراسية والمختبرات.

إن تطبيق جميع معايير ومجالات ومؤشرات الاعتماد الدولي الأمريكي ومؤشرات اتحاد دعم وتقييم المعلمين الجدد يجب أن يوثق بأدلة قاطعة لكل فعالية تعليمية وتدريسية وتدريبية وتقييمية تتم أثناء إعداد الطلبة في جميع برامج كليات التربية ومن مختلف المصادر المعنية والتي تتشارك في إعداد الطلبة لمهنة التعليم، يلي ذلك تقديم الدراسة الذاتية لكل برنامج وللكلية كوحدة واحدة بتنظيم يبرز تطبيق المعايير والمؤشرات المختلفة والمتنوعة والأدلة المعززة المادية المبرهنة على الجودة والنوعية للبرامج. إن تطبيق المعايير والمؤشرات المتنوعة يجب أن يتراوح بين فترة زمنية تتراوح بين ثلاثة فصول دراسية وثلاث سنوات، بحيث تحدد الكليات المسار الذي يخدمها بالتنسيق مع مجلس الاعتماد الأمريكي ليصار إلى تحديد موعد الزيارة التقييمية للواقع ومطابقته مع الوثائق والتقارير والدراسة الذاتية وتتم الزيارة عادة بعد قرابة العام من تحديد موعدها.

ويشكل التواصل مع المستمر مع مجلس اعتماد كليات التربية الأمريكية ضرورة ملحة لغايات الاستفسار وأخذ التغذية الراجعة حول الخطوات التي يتم إنجازها وكيفية الانتقال للخطوات التي تليها، لضمان أن تطبيق معايير الاعتماد والمؤشرات يسير بالاتجاه الصحيح.

بالمحصلة، يشكل الحصول على اعتماد مجلس اعتماد كليات التربية الأمريكي وسيلة للتميز في الأداء ولضمان إعداد جيل من المعلمين والقيادات التربوية وأصحاب الاختصاص في التربية الخاصة والإرشاد النفسي والمناهج والأصول التربوية وتكنولوجيا التعليم وعلم النفس التربوي على درجة عالية وعالمية من الجودة والإتقان، وبما يضمن ارتقاء كليات التربية والجامعات التي تضمها على سلم التصنيفات العالمية المرموقة.

 

 

مواضيع ذات صلة