ضرورة تطوير الثانوية العامة ” التوجيهي” في ضوء أفضل التجارب العالمية!

ضرورة تطوير الثانوية العامة “التوجيهي” في ضوء أفضل التجارب العالمية!

أ. د. محمد صايل الزيود، أستاذ، قسم القيادة وأصول التربية، كلية العلوم التربوية، الجامعة الأردنية

الثانوية العامة “التوجيهي” امتحان وطني له تقاليد راسخة منذ عقود يأتي بنهاية المرحلة الثانوية ونهاية الحياة المدرسية للطلبة ويضعهم على أعتاب مستقبل جديد يتفاوت بريقه بالنتيجة والمعدل الذي يحققه الطلبة. منذ عقود والتوجيهي يخضع للتعديل والتبديل من عام لآخر، فمن امتحان يعقد لدورة واحدة بنهاية العام الدراسي إلى امتحان يعقد لدورتين وثلاثة إلى امتحان يعقد بدورات صيفية وشتوية ومن امتحان بمستوى طبيعي يجتازه الطلبة بجهد معقول إلى امتحان صعب يؤرق الطلبة وأسرهم إلى امتحان يشهد جسارة من قبل المجتمع والطلبة للنجاح بالغش، وغيرها من التحولات التي مر بها طوال العقود الماضية.

إن التوجيهي بصورته التربوية يوازي الامتحانات الوطنية التي وضعتها الدول للحكم على جودة مخرجاتها التربوية بنهاية المرحلة المدرسية من مثل السات الأمريكي والآي ليفيل والأوو ليفل البريطاني والبكالوريا الدولية ولأي جيي والأيبي وغيرها من الاختبارات الوطنية والدولية التي جميعها لها هدف واحد.، والتي تتميز بالوضوح والدقة وتقيس ما تعرض له الطلبة فعليا خلال دراستهم وتتسم بالثبات في طبيعتها ولجميع المواد فلا يجد الطلبة فروقات جذرية من حيث صعوبة الامتحانات بحكم أن إعداد هذه الامتحانات يخضع لعمليات تدقيق علمية عند وضع الأسئلة والحكم على وضوحها وشدة صعوبتها وارتباطها بالمنهاج، بتطبيق فنيات علم القياس والتقويم بكل دقة.

إن واقع حال التوجيهي الأردني وعبر العقود وحتى يومنا هذا وعند مقارنته بغيره من الاختبارات، يخلق حالة من القلق والتوتر لدى الطلبة بفعل شكل الامتحان وطريقة تقديمه وطبيعة الأسئلة وصعوبتها والغاية والهدف منه، فما زلنا بحاجة إلى أن نحدد الغاية من التوجيهي، هل لتحديد من يستحق الدخول للجامعة وفرز الطلبة وتوزيعهم على التخصصات الجامعية، وبالتالي تحديد من يستحق دراسة تخصصات الطب والهندسة ومن يستحق أن يدرس تخصصات أخرى بمعدلات متدنية أم الحكم على جودة مخرجات النظام التربوي من حيث قدرات الطلبة وكفاياتهم في مختلف المواد الدراسية، وهل تمكن النظام التربوي من إعدادهم للتفكير المنطقي العقلاني والقدرة على الفهم والتحليل والتركيب والربط والمقارنة أم الهدف أن نتيقن من خلال التوجيهي بأن طلبتنا تم إعدادهم للقيام بمهارات التفكير العليا بتميز. 

تحت وطأة هذه التساؤلات نحتاج إلى وقفة لتحديد ما الذي نريده من التوجيهي لنصل لمرحلة الثبات في كيفية عقده وتنفيذه والغاية منه ليستقر ويترسخ ويبعث على الطمأنينة. 

إن تطوير الثانوية العامة يستوجب مواكبة وإطلاع الجهات المعنية بالتربية والتعليم على تجارب الدول المتقدمة وفي الإقليم لتطور الامتحان من حيث الشكل والمضمون ومن حيث التشريعات التي تنظمه ومن حيث المتطلبات لنصل إلى مرحلة لا نشعر بها بوجود هذا الامتحان بحياة طلبتنا ومجتمعنا. 

إن الحاجة أصبحت اليوم ماسة لأن تتشارك الجهات المعنية بالتربية والتعليم وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم وكليات العلوم التربوية في الجامعات للتأسيس نظريا وعمليا لامتحان وطني راسخ ينقلنا تربويا من حالة القلق إلى حالة الثقة والطمأنينة بالامتحان وغاياته ومتطلباته.

 

مواضيع ذات صلة