دور المعلم في التعامل مع المواقف الطارئة في الحصة الدراسية

ملاك حسن اللحام، برنامج الدبلوم العالي لإعداد المعلمين، كلية العلوم التربوية، الجامعة الأردنية     

في إحدى أيام الخبرة المدرسية الأولى حيث كانت المعلمة الموجهة غائبة، نظّمت الإدارة حضوري مع معلمة العلوم أخرى، حيث حضرت مع المعلمة حصة علوم للصف الثامن تتحدث عن طبقات الأرض. دخلنا إلى الصف وهيأت المعلمة طالباتها للحصة، وبدأت بشرح المادة العلمية على شاشة العرض بصور وفيديوهات جميلة تبين محتوى الدرس، وبعد مرور نصف وقت الحصة تعطلت آلة العرض، توقّفت المعلمة عن تنفيذ الحصة وانشغلت بتصليح الآلة، فهي تمتلك معرفة تقنية، أثناء ذلك الوقت جلست الطالبات ينتظرنها لتكملة الحصة.

وبعد مرور فترة من الزمن بدأت الفوضى تظهر، والكلام الجانبي بين الطالبات يزداد، وبدأت ملامح التوتر على وجه المعلمة، بدأت تصرخ تارةً لإسكات الطلبات وتعود لإصلاح آلة العرض تارةً، وبعد إصلاح عطل الآلة أكملت المعلمة الدرس ومنعت الطّالبات من المشاركة أو طرح الأسئلة عقابًا لهن على ما قمن به، فكانت تشرح وتعطي المعلومات وتتجاهل أسئلتهن المتكررة حتى أنهت الحصة. خرجت المعلمة وجلست قليلًا في الصف لأدون بعض الملاحظات سمعت طالبة تقول : “لن أشارك في حصصها سأدعها تشرح لنفسها في المرات القادمة” لاحظت أنّ أكثر الطالبات مستاءاتٍ من تصرف معلمتهن. ومن خلال حديث دار بيني وبين إحدى المعلمات عرفت بأنّ معلمة العلوم  حازمة وتتعامل بجدية مع الطالبات بشكل مستمر .

شعرت المعلمة بتوتر كبير بسبب تعطّل آلة العرض و إرتفاع أصوات الطالبات أثناء انشغالها بإصلاحها، حيث أنّ الطالبات شعرن بالملل والضجر لعدم إنشغالهنّ بعمل أثناء انشغال المعلمة عنهن، إضافة إلى شعورهن بالاستياء لعدم مشاركتهن في الحصة، أما أنا كمتأملة للموقف شعرت بالملل أثناء انشغال المعلمة، وعندما منعت الطالبات من المشاركة استأت لأنهن تفاعلن جدًا مع موضوع الدرس، وتمنّيت أن تتصرف المعلمة بطريقة أفضل مع طالباتها بما ينسجم  مع العملية التعليمية التربوية.

في هذه الحصة استخدمت المعلمة أدوات التعلم الرقمي، وهي إحدى استراتجيات التدريس الممتعة بالنسبة للطالب في هذه المرحلة العمرية، حيث تجذب الطلبة وتزيد من تفاعلهم مع المعلم في الحصة الصفيه؛ لما فيها من صور وفيديوهات تقرب المعلومة للطالب بشكل أفضل، وهذا شيء جيد يتماشى مع العملية  التّعلّميّة التعليمية الحديثة، ويتفق مع ما أشارت إليه شحادة (2010) أن توظيف التكنولوجيا في التعلم المدرسي يساعد على تصميم مواقف تعليمية مشوقة، كما يُقدم الدعم للمعلم في أداء عمله وتحقيق نتاجات الدرس وتكوين علاقة إيجابية بينه وبين الطلبه وتأكيد التفاعل بينهما.

إنّ تعطل آلة العرض بعد مرور نصف وقت الحصة وانشغال المعلمة في إصلاحها ، وترك الطالبات دون اشغالهن بمهمة ،أدى إلى إيجاد بيئة صفية غير مرغوبة، كما أنّ صراخ المعلمة على الطالبات لإسكاتهن لا يتماشى مع معيار المعلمين (2.3.1) والذي ينص على إيجاد بيئة داعمة وآمنة للجميع والحفاظ عليها. وبعد إصلاح العطل قررت المعلمة عدم اشراك الطالبات بالحصة وسرد الدرس عليهن دون مناقشتهن أو السماح لهن بطرح الأسئلة، لذلك قررت إحدى الطالبات عدم المشاركة في الحصص القادمة للمعلمة .

وجدت أنّ  تعطّل في آلة العرض أدى إلى إحداث تحدّيات غيّرت سير الحصة، وذلك لإنّ المعلمة أرادت إصلاحها دون طلب المساعدة من المختصين في المدرسة، ويمكن القول هنا أن تصرف المعلمة سيف ذو حدين حيث أنها وظفت معرفتها  التقنية لإصلاح الآلة؛ ولكن لم يكن في الوقت المناسب، فبقاء الطالبات دون اشغالهن أدى إلى شعورهن  بالملل والضجر ممّا تسبّب في حدوث حالة من الفوضى، فمن الواجب استثمار طاقات الطّالبات في الغرفة الصّفيّة ؛ليحققن النتائج المرجوّة من عمليّة التّعلّم والتّعليم، ولتجنّب تفريغها في جوانب تؤدّي إلى عرقلة سير الحصّة التّدريسيّة ، كما أنّ تصرّف المعلّمة مع الموقف بحزم وصراخ أدّى إلى زيادة الموقف صعوبة.

كما أنّ منع المعلمة للطالبات من المشاركة جاء كنوع من العقاب على الفوضى التي حصلت أثناء انشغالها أثر على فاعلية الطالبات، وسلوك المعلّمة عبّر عن صفة من صفات المعلم المتسلط والتي أشار إليها الزغلول والمحاميد (2007) يميل المعلمون أصحاب الشخصية المتسلطة إلى إتباع أسلوب القمع والتهديد في معالجة المشكلات الصفية . أما قرار الطالبة بعدم المشاركة في الحصص القادمة جاء ردّة فعل على تصرف المعلمة.

إن عدم إشراك الطالبات في الحصة من قبل المعلمة يتنافى مع دور المعلم والمتعلم، فمشاركة المتعلم وطرحه للأسئلة ومناقشتها مع المعلم هو حق من حقوقه في الحصة الصفية ولا يمكن منعه، فالطالب محور العملية التّعلمية التعليمية، ويكون دور المعلم بمحاولة إصلاح وتأهيل لهن من خلال تثبيت السّلوك المرغوب ورفض السلوك غير المرغوب بأسلوب تربوي  بعيدًا عن العقاب، وإرشادههن وتذكيرهن بالقوانين الصفية، وعلى المعلمة أن تتذكر دائماً بأنها تتعامل مع طالباتها في مرحلة عمرية حرجة، إضافة إلى ذلك أنهن من بيئات مختلفة، فتصرفاتهن قد لا تعود إلى أنهن يرغبن في تعطيل سير الحصّة الصّفيّة، كما أنّ بقاء الطلبة في الغرفة الصفية من غير مهمة تعليمية يؤدي إلى ظهور مواقف غير مرغوبة مشابهه لهذا الموقف.

لو كنت مكان المعلّمة إذا حدثت مشكلة طارئة مثلما حدث مع المعلّمة وتعطلت آلة العرض فيجب أن يكون هناك خطة بديلة للعملية التعليمية، حتى تستمر  بشكل سليم ، كما أنّ استخدام استراتيجيات التّدريس مثل الحوار والمناقشة مع الطلبة، وتوزيع أوراق عمل على الطالبات حتى يتم  حل المشكلة أو توجيه سؤال لتنمية مهارة العصف الذهني وإعطاء وقت محدد لكتابة الإجابات، وأيضا من الحلول المقترحة العمل الجماعي التعاوني بين الطالبات، وهنا تكمن أهمية التخطيط للحصة لمواجهة المشاكل أثناء الموقف التعليمي، وهذا ما أكده السفاسفة (2005) أنّ من صفات المعلّم الفعّال أن يكون لديه القدرة على حل  ومعالجة المشكلات التي تحدث داخل الغرفة الصفية فور حدوثها وقبل تفاقمها. وهذا ما تعلمته خلال جلسات الدبلوم مع المدرسين حيث تعطلت آلة العرض في إحدى الجلسات وتدارك المدرس المحاضر الأمر بتوزيع أوراق عمل لما كان سُيعرض على الشاشة دون توقف الجلسة. ويمكن ضبط الطالبات دون الحاجة للصراخ عليهن من خلال النظر للطلبة المنشغلين بالحديث مع بعضهم أو التحرك نحو الطالب المخل بالنظام وتنبيه لفظيًا أو بإشارة متفق عليها بين المعلم والطلبة وذلك للحفاظ على آواصر المحبة والإحترام. .

وأمّا عن خطّتي حتى أصبح معلمة متميزة ، سأغذي معرفتي بالإدارة الصفية أكثر من خلال قرأت الكتب مثل كتاب (الإدارة الصفية للدكتور رمزي هارون) وسأعمل على بناء خطوات إجرائية لإدارة الصف بناءً على معرفة علمية متخصصة بموضوع الإدارة الصفية، كما سأعمل على تنمية قدراتي الذهنية والعملية حول التخطيط للحصة الصفية، وكيفية تدارك المواقف اللحظية والتعامل معها بهدوء وعقلانية من خلال الندوات التدريبة، كالندوات المقامة في أكاديمية الرواد، وحضور حصص علوم تعكس قيمة وأثر إدارة الصف على عملية التعليم، وأيضا سأقوم بقراءة الأبحاث التربوية حول كيفية التعامل مع أنواع الطلاب وبناء العلاقات التي تسودها المحبة والإحترام المتبادل، كما سأبحث  عن استراتجيات تساعد على إشغال الطالب في وقت حدوث المواقف الطارئة ، كما أنّني سأتعلّم من خلال التّعامل مع المعلمات ذوات الخبرة والكفاءة في المدرسة عن كيفية التصرف في هذه المواقف، وتنظيم حلقة إرشادية مع مرشدة المدرسة لتنظيم سلوك الطالبات.

المراجع :

  • الزغلول، عماد والمحاميد، شاكر. (2007). سيكولوجية التدريس الصفي، (ط1). الأردن: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة .

  • السفاسفة، عبد الرحمن. (2005). إدارة التعلم الصفي، (ط1). الأردن: مركز يزيد للنشر والتوزيع .

  • شحادة، أمل . (2010). التكنولوجيا التعليمية، (ط2). عمان: دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع .

  • معايير المعلمين، الجامعة الأردنية. (2022).

مواضيع ذات صلة