التحصيل الدراسي بين العوامل المؤثرة والنظريات المفسرة

الدكتور أحمد رزيق، المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الدارالبيضاء، المغرب

تهدف عملية الاهتمام بالتحصيل الدراسي إلى الرفع من جودة التعليم، والعمل على معرفة سبل واستراتيجيات تزيد من رغبة المتعلم في التعلم وتحفزه وتشد تركيزه للعملية التعليمية التعلمية، ومن بين هذه السبل معرفة محيطة بالعوامل التي يمكن أن تتدخل في رفع منسوب التحصيل أو تراجعه، وكذا مجما النظريات المفسرة لاختلاف التحصيل الدراسي.

  • التحصيل الدراسي:

يرتبط مصطلح التحصيل الدراسي بمفاهيم أخرى مثل النجاح الدراسي والتفوق الدراسي، ونرى أن نحدد أولا تقاطع (التحصيل الدراسي) معها وفي نفس الوقت نميزه عن بعض التعابير المتداولة أيضا في الساحة التعليمية مثل الموهبة. إن مصطلح التحصيل الدراسي كما ورد تعريفه في قاموس التربية وعلم النفس التربوي هو ” إنجاز عمل ما أو مهارة ما أو اكتساب مجموعة من المعلومات “، وبالتالي فإن المعيار المعتمد في الحكم على نجاح الفرد في هذه الحالة هو الإنجاز نفسه، أي درجة توفقه هو في الإجابة عن الأسئلة دون اللجوء إلى مقارنته مع الآخرين[1].

أما التفوق الدراسي فهو يستحضر بالضرورة مقارنة بين فئتين أو أكثر من التلاميذ لتصنيفهم وترتيبهم في خانة المتفوقين حسب نجاحهم المتميز، في مقابل خانة العاديين.

ويبدو من التعريفين السابقين أن كلا المصطلحين يشترط النجاح في أداء المهمة الدراسية بدرجة من الدرجات، لذلك فإن هناك نوعا من التداخل بين المصطلحين. أما الموهبة فهي العطية بدون مقابل، حيث يُقصد بالموهوب كل شخص لديه قدرة متميزة واستعداد طبيعي للبراعة في عمل ما أو فن أو نحوه.

2 – العوامل المؤثرة في التحصيل الدراسي:

وهي العوامل التي يمكن إجمالها في الآتي:

– العوامل الشخصية: ونقصد بها العوامل الذاتية المتعلقة بشخص المتعلم كقدراته العقلية وصحته الجسمية وحالاته الانفعالية والنفسية:

أ – العوامل الجسمية: فمن العوامل التي ترجع إلى المتعلم نفسه ضعف الصحة وسوء التغذية والعاهات الخلقية، وهي عوامل تحد من قدرة المتعلم على بذل الجهد ومسايرة زملائه في الفصل، ويبدو أن أكثر العوامل انتشارا في مدارسنا تتمثل في ضعف حاستي السمع والبصر وهي وسائل التعلم الأولى في مجتمع تعتمد فيه التربية على المقروء والمسموع، ففي حالة الأطفال  المصابين بضعف البصر فإن تحصيلهم الدراسي يتأثر،  خاصة في المواد التي تعتمد على القراءة،  فهم يجدون صعوبة كبيرة في استطلاع الأشكال البصرية المرسومة  والخطوط على السبورة،  كما أن القراءة في الكتاب تكون بالنسبة إليهم عملية شاقة تتطلب وقتا وجهدا أكثر من الوقت والجهد الذي يبذله أقرانهم العاديون، ويحدث الشيء نفسه مع ضعاف السمع وهم عادة فئة من التلاميذ يصعب اكتشافهم في الفصول الدراسية،  فيتخلفون ويضعف تحصيلهم خاصة في المواد التي تعتمد على حاسة السمع.

ومن هنا نستنتج أن الجانب الصحي المتدهور للمتعلم يشكل عائقا مباشرا في المواظبة على الدراسة، عكس المتعلم الذي يتمتع بصحة جيدة، حيث يكون مستواه المطلوب أفضل بكثير من المتعلم المريض جسديا، والنتيجة المستخلصة من هذا هي أن العوامل الجسمية ترتبط ارتباطا وثيقا بالتحصيل الدراسي للمتعلم سواء كان هذا التحصيل جيدا أم سيئا.

ب – العوامل العقلية: تتمثل هذه العوامل في القدرة المعرفية والذكاء، وكذا حالة المتعلم المزاجية وطرق تفكيره. ويعتبر الذكاء من أقوى العوامل التي تؤثر في التحصيل الدراسي، فبالرغم من أن تلاميذ القسم الواحد يتلقون نفس الخبرات التعليمية، ويدرسون نفس الكتب المدرسية، ويتعلمون على يد نفس المدرسين، فإننا نجد درجاتهم تختلف في الامتحانات المدرسية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه كلما كان ذكاء المتعلم مرتفعا، كلما كان تحصيله الدراسي جيدا والعكس صحيح.

ج – العوامل النفسية: يعتبر تمتع المتعلم بحالة نفسية مستقرة أمرا ضروريا جدا في العملية التعليمية – التعلمية، ذلك لأن قدرة المتعلم على النجاح مرتبطة أساسا بقدرته على التوافق مع نفسه ومع غيره، فمثلا حالات القلق والخوف التي يعاني منها المتعلم، قد تحول دون قدرته على الانتباه والتركيز ومتابعة الدروس، مما يؤثر سلبا على تحصيله الدراسي، مثل ذلك عدم رغبة المتعلم في دراسة نوع معين من التخصصات والضغط عليه من قبل الوالدين بدراسة تخصص آخر، وطريقة التعامل الخاطئة من الآباء التي قد تقتل الطموح الشخصي لدى الأبناء لتحقيق الأحسن.

-العوامل البيئية: يقصد بالعوامل البيئية جملة المؤثرات الأسرية والمدرسية المحيطة بالمتعلم، والتي لها انعكاس على تحصيله الدراسي، وتتمثل هذه المؤثرات في:

أ-العوامل الأسرية: تعتبر العوامل الأسرية من العوامل المؤثرة على التحصيل الدراسي للمتعلم ، فالمشكلات  الأسرية التي تنتج عن عدم التفاهم وفقدان الانسجام بين الوالدين قد تؤثر على دراسة المتعلم، “فالجو العائلي الذي تسوده الخلافات أو مشاكل عائلية  كالطلاق، يؤدي إلى الاضطرابات العاطفية التي تؤدي إلى عدم الاستقرار والاطمئنان، وهذا من شأنه خلق اضطرابات نفسية عند التلميذ، بالشكل الذي يؤثر على إقباله واستيعابه للمواد الدراسية وبالتالي يؤثر على تحصيله الدراسي، عكس التلميذ الذي يعيش في جو عائلي  يسوده الاستقرار والاطمئنان والتفاهم، فهذا الجو يشجع التلميذ على الدراسة وتحضيره واستعداده للتعليم وقدرته على الاستيعاب وفهم المواد الدراسية وبالتالي يكون تحصيله الدراسي جيدا وكبيرا”[2].

ب -العوامل المدرسية: إن المدرسة وما فيها من أساتذة وتلاميذ ومناهج وطرق للأداء التعليمي ماهي إلا وسط منظم يهدف إلى تحقيق الوظيفة التعليمية، فالمدرسة تساهم في تكوين شخصية المتعلم من خلال احتكاكه بالوسط المدرسي الذي يقصد به المنظومة التربوية  ككل، من أساتذة وإداريين وغيرهم، وتكوين علاقات اجتماعية بين أفراد مجتمعه المدرسي، وبالتالي فإن كان جو هذا المجتمع المدرسي يسوده الود والمحبة وروح التعاون، كان لذلك أثر كبير على نتائج التحصيل الدراسي للمتعلم ، بمعنى أن ضعف التحصيل الدراسي لا يرجع للعوامل الشخصية والأسرية فقط بل إن للعوامل المدرسية  أيضا نصيب كبير.

ج – المعلم وطريقة تدريسه: العيوب في طرق التدريس وسيادة الفوضى أو التسلط، تشكل الحلقة المفقودة بين المتعلم والمعلم، وعدم وجود القدوة للمتعلم تلك التي تدفعه للاهتمام بدراسته، فقد ترتبط المادة الدراسية بشخص الأستاذ ومن ثم يكون لشخصية الأستاذ وطريقة تدريسه أثر كبير على القدرات الذهنية للمتعلم ونشاطه داخل المؤسسة. فالأستاذ ذو الشخصية القوية  يستطيع أن يملك قلوب تلاميذه ويجعلهم أكثر تجاوبا فهو يخلق لديهم الدافعية للدراسة، في حين قد يكون الأستاذ غير متجاوب مع أخطاء المتعلمين بطريقة موضوعية[3]، فيستعمل خشونته وصرامته في عملية إلقاء الدروس، مما قد يخلق نوعا من الخوف والقلق عند التلاميذ، أو قد يكون أسلوبه في نقل المعلومات خاليا من الإثارة والتشويق، أو لا يأخذ بعين الاعتبار إمكانيات المتعلمين وقدراتهم والفروق الفردية، وغير ذلك من الجوانب الأخرى التي يشكل بعضها  أو مجموعها عاملا يعرقل السير الطبيعي للنشاط  التعليمي التعلُّمي عند التلاميذ ويحد من مبادرتهم،  بل من رغبتهم في المساهمة والمشاركة في الدروس، ويبعث في نفوسهم الملل ثم كره الدراسة  والنفور منها، وهذا بدوره سوف يشكل عائقا إضافيا يسهم  في تدني مستوى تحصيل المتعلمين.

المتعلم أو التلميذ: المتعلم نفسه يؤثر على تحصيله الدراسي، فعلى سبيل المثال، التلميذ الذي يكون حضوره للدرس مضطربا، يجد صعوبات في استيعاب دروسه، ويكون تحصيله الدراسي ضعيفا، كما أن كثرة تنقل التلميذ من مدرسة لأخرى بسبب تنقل الأسرة يكون عائقا أمام تتبعه للدروس، بسبب تغيير الوسط الدراسي من أساتذة ومتعلمين.

 وكذلك يعتبر اهتمام المتعلم بأداء واجباته المدرسية من عوامل التحصيل الدراسي الجيد، ذلك أن الوصول إلى مستوى عال من التحصيل يحتاج مواصلة الجهد والمثابرة في الدراسة والعكس صحيح.

نستنتج إذن أن المتعلم المستقر مكانيا مع الأسرة والمبتعد عن الغياب وإهمال الدروس، يتمكن من استيعاب الدروس التي يقدمها الأستاذ وفي الوقت نفسه يكون تحصيله الدراسي مقبولا، وهذا بغض النظر عن العوامل الأخرى التي تؤثر في تحصيله الدراسي.

2 – النظريات المفسرة لاختلاف التحصيل الدراسي بين المتعلمين:

في بداية المرحلة العلمية للتربية بدأ المجتمع بالاهتمام بدراسة أفراده بشكل منفصل عن تأثيرات البيئة الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بهم، معتقدا أن المشكلات التي تواجهها المدرسة، إنما هي مشكلات نمو وتعلم وذكاء، فبقيت نظرته سجينة داخل سياج المدرسة وخصائص المتعلم [4]. لكن مع تعميم التعليم وما رافقه من تزايد وتيرة التعثر الدراسي عند بعض التلاميذ، مقابل نجاح البعض الآخر، اتضح أن مشاكل التعليم ترتبط كذلك بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والمؤسسية. لذا فإن الخلفية النظرية التي يمكن الاستفادة منها لتفسير أسباب اختلاف الأداء الدراسي بين التلاميذ يمكن أن تستمد من نظريات علم اجتماع التربية في مجال علاقة التعليم بالمجتمع، حيث نجد اتجاهين نظريين رئيسيين هما: الاتجاه الوظيفي والاتجاه الصراعي.

2 – 1-الاتجـاه الوظيفي:

حين نعرض لهذا الاتجاه ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن للنظرية الوظيفية جذورا معرفية تسبق تحول الوظيفية إلى نظرية، ونجد هذه الجذور المعرفية لدى علماء الاجتماع الأوائل أمثال “سان سيمون” و “أوجست كونت” و “إميل دور كهايم” و “مارسيل موس” وحتى “كارل ماركس” و”ماكس فيبر”.

ويرى أنصار النظريات الوظيفية أن مؤسسات التعليم هي مفتاح التنمية وبناء المجتمع الحديث، وعن طريقها يتم نقل القيم والأخلاق وثقافة المجتمع بأسلوب التطبيع الاجتماعي، كما يتم فيها تغيير الأفراد من حب الذات والأنانية إلى تغليب مصلحة المجتمع والعمل من أجله[5]. والتربية حسب هذه النظريات هي أداة:

– أولا: لتحقيق الفرص المتكافئة بين أفراد المجتمع الواحد؛

– ثانيا: لوضع المناسب منهم في المكان المناسب؛

– ثالثا: لتطبيع الصغار اجتماعيا وغرس قيم الراشدين وثقافتهم للحفاظ على تماسك المجتمع؛

– رابعا: هي أداة لإعداد القوى والحفاظ على مصدر الطاقة البشرية في المجتمع.

ويرى “بارسونز” أن المدرسة تقوم بوظيفتين هامتين في المجتمع: الأولى هي قيامها بعملية التطبيع الاجتماعي أو التنشئة الاجتماعية أما الثانية فهي أن المدرسة تقوم بعملية الاختيار، ويؤكد كذلك أن عملية الاختيار من سمات العصر الحديث والمجتمعات المتحضرة حيث تعتمد على مبدأ المردودية الفردية كأساس لاختيار الأفراد للقيام بوظيفة أو عمل معين، لا على أساس القبلية والوجاهة أو كون الشخص من عائلة لها سلطة أو نفوذ في المجتمع، أو لوجود قرابة بين الفرد وصاحب العمل ونحوه ويمكن في إطار هذا الاتجاه تصنيف مقاربتين رئيسيتين للنظرية الوظيفية:

أ- المقاربة الوظيفية الكلاسيكية:

وهي نتاج أعمال “هربرت سبنسر” و”إيميل دوركهايم” و”ماكس فيبر” و”باريتو”، وقد تأسست هذه المقاربة على فكرة الفروق الفردية الوراثية، أي أن كل فرد يولد إلا ولديه مقدار شبه ثابت من الكفاءة أو الذكاء، ولذا فحينما تقوم التربية المدرسية بوظيفة الانتقاء بترتيب المتعلمين حسب إنجازاتهم،  فإنها تعتبر ذلك طبيعيا وعاديا، شريطة أن تكون معايير الانتقاء هذه موضوعية، وهكذا ترى أنها استبدلت معايير انتقاء كانت سائدة من قبل مبنية على النسب والمحسوبية والانتماء القبلي والعرقي بمعايير حضارية مبنية على الاستحقاق والجدارة، مقاسة باختبارات موضوعية كاختبارات الذكاء والتحصيل الدراسي…[6]

ب- المقاربة الوظيفية التقنية:

ظهرت هذه المقاربة ما بين سنوات الخمسين والستين من القرن الماضي لتجعل من المدرسة أداة لتكوين اليد العاملة وتأهيلها، بغية تحريك الاقتصاد، وتطوير المقاولات الصناعية والتقنية. وتقترب هذه المقاربة من نظرية الاستثمار البشري أو نظرية الرأسمال الإنساني. ” لكن سرعان ما تعرضت أطروحات التكنو-وظيفية ونظرية الرأسمال الإنساني إلى انتقادات حادة مدعمة بالأرقام والإحصائيات؛ مما جعل حماسها يفتر. ولقد بينت الدراسات الحديثة أن الطاقات البشرية لازالت تعاني من الهدر، على أساس أنه ليس هناك تناسق وانسجام بين النمو التكنولوجي والنمو التربوي. وأظهرت دراسة ” دريبين مثلا، أن النظام التعليمي الأمريكي ينمو بسرعة، أكثر مما تطلبه حاجيات المجتمع لليد العاملة. كما بينت دراسة أخرى أن العلاقة بين المستوى التعليمي والدخل علاقة غير قارة، بحيث أنها مرتبطة بسوق العمل وبالظروف أو بقطاع العمل، أكثر مما هي مرتبطة بالشهادات أو بالدبلومات[7]

2-2- الاتجاه الصراعي:

يرى أنصار هذا الاتجاه أن النظام الاجتماعي ينقسم إلى قسمين: قسم مسيطر وآخر خاضع، والعلاقة بينهما علاقة استغلال وتبعية، حيث تحظى الجماعة المسيطرة بكل أو جل المراكز الاجتماعية المرموقة وتفرض قيمها ونظرتها للعالم على الجماعة الخاضعة التي تبقى خطرا يهدد بزوال الجماعة المسيطرة، ولكي تفرض هذه الأخيرة وجودها في المجتمع فإنها تخلق آراء وقيما تبرر موقعها الاجتماعي[8].وهناك أيضا تياران في الاتجاه الصراعي: التيار التقليدي، والتيار النقدي ويعتبر كل من “بورديو” و”باسرون” زعيما التيار النقدي.

ولعل أعمال “بورديو” و”باسرون” تركت صدى واسعا في ترسيخ مبادئ الاتجاه الصراعي، حيث أنهما بلورا في كتابهما “إعادة الإنتاج” فكرة أن المدرسة تكرس إعادة إنتاج الوضع القائم الذي أنتجها، حيث يعتبرون أن الأطفال قبل ولوجهم إلى المدرسة غير متساوين في الرصيد الثقافي والتربوي، فتفرض عليهم المدرسة معيارا ثقافيا ولغويا يسير في نفس اتجاه اللغة والثقافة المعمول بهما في الأسر البورجوازية، فيعيش أطفال هذه الفئات استمرارية وتكاملا بين ثقافة الأسرة وثقافة المدرسة، في حين يبتعد نفس المعيار عن ما هو سائد في الأوساط والطبقات الشعبية، ليعيش أطفالها قطيعة وتناقضا بين الثقافتين[9].

إن القاسم المشترك للأطروحات التي تنتمي للمقاربة الصراعية (لا يتسع المجال لسردها كاملة) هو اعتقادها بأن المدرسة لا تنتقي من هو أكثر قدرة وأكثر إنتاجية وأكثر ذكاء، وإنما من هو أكثر مطابقة وأكثر مسايرة لتمثلات وتوقعات الفئة التي تمتلك سلطة وضبط النظام التعليمي للمحافظة أو الزيادة في امتيازاتها وتوسيع سلطتها داخل المجتمع.

ويقف هيرن موقفا وسطا بين الاتجاهين، فيرى أن كلا منهما يفسر جزئيا الدور المعقد للتعليم في المجتمع المعاصر. فالمدارس هي في الواقع مؤسسات يتم فيها تعليم المعارف والمهارات وهي في نفس الوقت تقوم بخدمة مصالح ذوي الجاه والنفوذ في المجتمع وبسط سيطرتهم. ويضيف قائلا بأن كلا من الاتجاهين بالغ في وصف طبيعة وظيفة المدرسة في البيئة الاجتماعية التي توجد فيها إلى درجة لا يمكن معها قبول أحدهما كنموذج نظري يمكن الاعتماد عليه في تفسير علاقة التعليم بالمجتمع وما يتفرع عن ذلك من قضايا.

خلاصــة:

إن الخلاف الأساس بين الاتجاهين النظريين حول علاقة المدرسة بالمجتمع قد أدى إلى اختلاف تفسير أسباب تباين التحصيل الدراسي على رأيين متعارضين:

الأول: يرى أتباع النظرية الوظيفية أن مصدر التفاوت في التحصيل الدراسي يعود إلى اختلاف قدرات التلاميذ وطموحاتهم، تطلعات الوالدين، الذكاء، القيم والسمات الشخصية للتلاميذ.

الثاني: يرى أتباع النظرية الصراعية أن الاختلاف في التحصيل الدراسي ما هو إلا نتاج يعكس واقع وظيفة المدرسة في المجتمع، وترفض هذه النظرية أن يكون إخفاق أبناء الطبقات الفقيرة في التحصيل الدراسي هو نتيجة تخلف عقلي وذهني أو ثقافي.

المصادر والمراجع:

– محمد بركا خلية، علم النفس التربوي، ج1، ط3، الكويت، 1979.

– عبد الرحمان العيسوي، القياس والتجريب في علم النفس والتربية، دار النهضة العربية، 1974.

– خالد المير وآخرون، أهمية سوسيولوجيا التربية، العدد 3، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، ط2، 1995.

– مجلة التربية والتعليم، المجلد 14، العدد 01، المغرب، 2007.

[1]– مجلة التربية والتعليم، المجلد 14، العدد 01، المغرب، 2007، ص 60.

[2]– محمد بركا خلية، علم النفس التربوي ج1، ط3، الكويت، 1979،ص355.

[3]– المرجع نفسه، ص356.

[4]– عبد الرحمان العيسوي، القياس والتجريب في علم النفس والتربية، دار النهضة العربية، 1974. ص 120.

[5]– المرجع نفسه، ص 121.

[6]– المرجع نفسه، ص 125.

[7]– خالد المير وآخرون، أهمية سوسيولوجيا التربية، سلسلة التكوين الإداري، العدد 3، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الثانية سنة 1995م، ص12.

[8]– عبد الرحمان العيسوي، القياس والتجريب في علم النفس والتربية، ص 127.

[9]– المرجع نفسه، ص 130.

مواضيع ذات صلة