الممارسات الأخلاقية في مؤسسات الأعمال
الممارسات الأخلاقية في مؤسسات الأعمال
الدكتورة سعاد ملكاوي
يشهد عصرنا نقلة نوعية في بيئات الأعمال والانتاج على نحو غير مسبوق حتى اصبحت رؤوس اموال الكثير من الشركات العالمية او الاقليمية يفوق موازنات دول صناعية متقدمة ومثال ذلك شركة ابل وسامسونج وشركات صناعة السيارات وشركات التجارة الإلكترونية كشركة علي بابا وامازون وذلك نتيجة للنهضة والتقدم التكنولوجي في العمل والانتاج والصناعة، ويصاحب ذلك تعدد وتنوع في المنتجات الاقتصادية. إضافة لظهور لافت لمنظمات الأعمال و الشركاتٍ في بيئات اقتصادية و اجتماعية مفتوحة بشكلٍ مباشر على العالم الخارجي او المجتمع الدولي بما يضمن تحقيق الربح والتنافس ضمن معايير رفيعة المستوى في الجودة وذلك لكل من القطاع العام او الخاص. ونظرا لهذه التطورات في بيئات الأعمال فقد ظهرت الحاجة الماسة لضبط ممارسة الاعمال بمعايير وممارسات وقواعد اخلاقية لضبط ممارسات مؤسسات العمل بصفتها المؤسسية او بصفة من يعمل بها من افراد.
لقد أصبح نجاح مؤسسات الأعمال يعتمد على علاقة صاحب العمل بالعاملين داخل المنظمة بحيث يمثل القائد الناجح الذي يعمل مع الفريق لتحقيق المنفعة للمنظمة بمثابة المدير الذي يسعى لأن يكون قدوة في إدارته لفريق العمل، ويسعى لتعزيز الثقة للموظفين وإحساسهم بالانتماء أكثر لمكان العمل ووعي صاحب العمل بالحفاظ على الموظفين وعدم التخلي عنهم وتحقيق الأمان الوظيفي لهم، الى جانب علاقة العاملين مع صاحب العمل بحيث يتوفر لديهم الوعي الكامل بأهمية مكان العمل بالنسبة لهم وبالحرص على تطوير ذاتهم من خلال المنظمة بدون إلحاق الضرر بالمصلحة أوالمنفعة العامة للعمل، وبالتالي نظرة كلاً منهما لأهمية العلاقة التبادلية والتي تضمن تحقيق الربح المادي، وتحقيق السمعة الجيدة للمنظمة وتطبيق” أخلاقيات العمل على مبدأ اجتماعي يركز على كون الفرد مسؤولاً عن العمل الذي يؤديه، وينطلق من إيمان راسخ بأن للعمل قيمة جوهرية يجب احترامها، والإصرار على تنميتها دائماً من خلال الالتزام بقوانين المهنة الوصول للعمل في الوقت المحدد واللازم ، وإنتاج المطلوب منهما من واجبات ومهمات سواءً كانت سهلةً أم صعبة، والتقليل من الشكوى والتذمر ، وكذلك العمل ضمن الظروف الصعبة والحرجة التي تتطلبها أجواء المهنة، وتنفيذ العمل باتقان بحيث يلتزم كل من صاحب العمل والعاملين بتنفيذ ما تتطلبه المنظمة، فتطبيق مبدا أخلاقيات العمل له دور في إنهاء الظلم للموظفين و يؤدي إلى زيادة تحفيزهم وجعلهم أكثر قدرة على العمل بصورة أفضل وبإنتاج مميز .
بالرغم من تاكيد قوانين العمل في العالم على حقوق و واجبات العاملين، و أصحاب العمل، وخاصةً فيما يتعلق بعقود العمل وصلاحيتها، والأجور وقرارات إنهاء العقود، وتقديم المخالفين للمحاكمة في حال ثبوت المخالفة، بمعنى آخر تنظيم علاقات العمل إلا أننا نلمس الكثير من التجاوزات الأخلاقية في بيئة العمل، التي نتجت عن ضعف الاهتمام بالأسس، والمعاييرالأخلاقية عند كثير من الشركات والمنظمات الاقتصادية، بسبب الابتعاد عن التفكير بالمحددات، والرموز الأخلاقية، والاهتمام بالربح اوالكسب المالي، والربح السريع بالرغم من الحرص لمعظم المؤسسات و الشركات وتأكيدهاعلى الالتزام بتعزيز القيم الاجتماعية في إطار مجموعة اعلانها بالاتزام بمدونات قواعد السلوك المهني والاخلاقي ، والمواثيق القانونية الوطنية والعالمية والمسؤولية الاجتماعية، إلا ان التطبيق العملي ما زال بعيداً عن الحقيقة والواقع، سواء من طرف صاحب العمل كونه رئيساً للعمل أو مالكاً للمنظمة، فيلجأ إلى صيغة ” نفذ الأوامر” فقط ، واحتكار القرارات، وعدم إشراك العاملين بها أوالاطلاع عليها، وعدم الأخذ برأي العاملين بالمؤسسة، ومن جهةٍ أخرى عدم الاهتمام بأسياسيات العمل من قبل العاملين، والاهتمام بالمردود المادي، والحوافز، والمكافآت، والتنافس غير الشريف مع الزملاء داخل المنظمة للحصول على الترقيات وزيادة في الأجر، وفي حال حصوله على الخبرة من منظمة العمل، يلجأ إلى تقديم الاستقالة فوراً دون الأخذ بالإعتبارات الأخلاقية أو الانتماء للمؤسسة التي منحته، العمل، والخبرة، والثقة فيكسر حاجز الثقة بين الطرفين ويؤثر سلباً على إنتاجية المؤسسة والإخلال بعملها. لذلك فإن التركيز على الجودة والنوعية يجب ان يرافقه إستشعار المسؤولية الذاتية، وتطبيق فعلي لأخلاقيات العمل والمهنة من قبل كل من العاملين و المؤسسات تجاه بعضهم البعض وذلك لضمان تميز منظمة العمل وزيادة إنتاجها وديموميتها.
- لا يجوز الاقتباس واعادة النشر للمحتوى المنشور إلا بموافقة رسمية من موقع شؤون تربوية.
- المرجع: الخراز، خالد (2011)، الموسوعة الأخلاقية، مكتبة أهل الاثر ، الكويت.