اليوم الدولي للتعليم وفرص تطوير النظام التربوي الأردني

اليوم الدولي للتعليم وفرص تطوير النظام التربوي الأردني!

أ. د. محمد صايل الزيود، قسم القيادة التربوية والأصول، كلية العلوم التربوية، الجامعة الأردنية

 احتفى العالم اليوم “باليوم الدولي للتعليم” والذي أقرته الأمم المتحدة في العام 2018، تحت شعار “تغيير المسار، إحداث تحوُّل في التعليم” بغرض تسليط الضوء على التعليم وضرورة تطويره وتحديثه ومواكبته للتحولات الرقمية وتوفير الدعم للمعلمين وإطلاق الطاقات الكامنة وتحقيق الرفاه للبشر. 

إن مناسبة اليوم الدولي للتعليم تذكر بضرورة الالتفات المستمر للتعليم وتطويره وجعله على رأس الأوليات الوطنية للدول والحكومات وهذا الذي تحقق في جميع دول العالم المتقدم وفي الدول الساعية للتقدم والتطور. 

وطنيا، نجد أن التعليم في الأردن حقق نجاحات كبيرة خلال العقود الماضية تمثلت في توفير الخدمات التعليمية للجميع وخفض نسب الأمية لقرابة 5% والتطوير والتحديث للمناهج وبرامج الإعداد للمعلمين والكوادر الإدارية والإشرافية. وإن ما تم إنجازه يبعث على الرضا بأن الاهتمام بالتعليم نجم عنه منجزات وطنية أبرزها جودة الموارد البشرية التي قامت عليها نهضة في مختلف القطاعات التنموية والبنى الاجتماعية والاقتصادية. 

اليوم وفي بداية المئوية الثانية للدولة، نجد أن مسيرة التطوير والتحديث للنظام التعليمي الأردني يجب أن تأخذ دفعات أقوى واحكم في ظل مرتبة متواضعة للنظام التربوي على سلم التصنيفات العالمية والتي وضعت الأردن في المرتبة السادسة والأربعين عالميا والخامسة عربيا، إلى جانب نتائج بحاجة إلى تطوير للطلبة في الاختبارات الدولية لمواد من مثل الرياضيات والعلوم واللغات. 

إن الدفعة القوية اللازمة للسير في تطوير النظام التربوي يجب أن تبدأ اليوم بخطوات وإجراءات عملية مدروسة تحاكي تجارب العالم المتقدم والتي سارت عليها العديد من دول المنطقة العربية وأصبحت اليوم تتبوأ مراتب متقدمة على سلم التصنيفات العالمية لأنظمة التعليم ومن ذلك قطر التي تبوأت المرتبة الخامسة عالميا والإمارات العربية التي تبوأت المرتبة الرابعة عشرة عالميا. إن الخطى الذي سارت عليها الدول الشقيقة ليست مقرونة بالإمكانات المالية فقط وإنما بالتخطيط السليم والواعي والعمل المؤسسي المستمر للتطوير.

إن ضرورة التطوير المبني على عمل مؤسسي للنظام التربوي ضرورة ملحة، ذلك أن النظام التربوي الأردني يعاني من مشكلات تتراكم وتتعقد يوما بعد يوم على نحو يستلزم إجراءات مؤسسية مستمرة ناجعة لتجاوزها ولو على مراحل وضمن الإمكانات المالية المتاحة، فمشكلات الأداء التحصيلي للطلبة وفقر التعليم والتعلم وظروف المناطق النائية أو الأقل حظا، ومشكلات الاكتظاظ بالصفوف الدراسية ونظام الفترتين والمباني المدرسية المستأجرة وقدم الُبنى التحتية التعليمية وجودة المرافق الصحية في المدارس وجودة التجهيزات التكنولوجية، وشكل وصورة ونظام امتحان الثانوية العامة، ومشكلات توفر التدريب والـتأهيل للمعلمين ضمن برامج تدريب مستمرة تغطي الجميع، إضافة إلى النقص في أعداد المدارس التي يتم تشييدها لتغطية واستيعاب الطلبة الذي يلتحقون بالنظام التعليمي سنويا، ومواكبة النظام التربوي للتجارب العالمية التعليمية مثل تجارب المدارس الذكية. 

إن تشخيص واقع حال النظام التربوي بحصر مشكلاته أمر غاية في السهولة والبساطة وهي معلومة للجميع، إلا أن الحاجة الوطنية الملحة تفرض أن نبدأ بحلول مبتكرة للتعامل مع هذه المشكلات بالاعتماد على العلم والمعرفة والإجراءات والتجارب العالمية كون هذه المشكلات تمت معالجتها في العديد من دول العالم والمنطقة وأصبحت جزء من الماضي. إن الحلول التي يجب أن تقدم يجب أن تربط بعمل مؤسسي وخطط قابلة للتنفيذ لا تتبدل بتبدل الأشخاص وقد يكون هذا التحدي الأبرز. 

لم يرد أن دولة واحدة على المستوى العالمي تجاوزت مشكلات نظمها التربوية دفعة واحدة، لكن الذي ورد ويرد أن دول العالم تتقدم فقط من خلال إصلاح وتطوير وتحديث لأنظمتها التربوية بجعلها أولوية وطنية ومن خلال قراءة علمية مؤسسية واطلاع على تجارب العالم المتقدم التي وفرت الحلول العلمية الناجعة لمشكلات نظمها التربوية. 

لذلك أن معالجة المشكلات تحتاج إلى التخطيط للحلول الناجعة والمناسبة إلى جانب توفير التمويل الذي قد لا يشكل عقبة في كثير من الحالات إذا ما تم جدولة الإصلاح والتطوير على مراحل وضمن الإمكانيات المتاحة. 

إن المطلع على بعض النماذج العالمية في التطوير والإصلاح والريادة في قيادة أنظمة التربية والتعليم يجد أن لدينا كافة الإمكانيات للسير بذات الطريق وتحقيق التميز الذي نطمح إليه.

قد تكون احتفالية العالم  “باليوم الدولي للتعليم” فرصة مواتية للمراجعة والبدء بعملية تطوير متكاملة للنظام التربوي. 

مواضيع ذات صلة