طلبة الجامعات وأزمة كورونا! 

طلبة الجامعات وأزمة كورونا! 

الأستاذ الدكتور محمد صايل الزيود،  أستاذ قسم القيادة وأصول التربية،  كلية العلوم التربوية،  الجامعة الأردنية

منذ بداية أزمة كورونا قبل الأربعة فصول دراسية وحتى يومنا هذا، غلبت أصوات الطلبة عبر وسائل الإعلام المختلفة، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على المشهد التعليمي وصناعة القرار لمؤسسات التعليم العالي الأردنية لتلبية رغبات الطلبة ومراعاة ظروفهم التي حتما زادت صعوبة بفعل أزمة كورونا، إلا أن المتابع لمطالب الطلبة وأصواتهم العالية تطلبت التجاوز للقوانين والتعليمات التي تنظم وتضبط الأداء في النواحي الأكاديمية والإدارية والفنية.

إن تعالي الأصوات بداعي وباء كورونا ما زال بوتيرة عالية بعد قرابة الأربعة فصول دراسية حتى أصبحت هذه المطالب والرغبات عبئا على جودة التعليم وعلى سمعة جامعاتنا من خلال مطالب غير واقعية وغير علمية، فمن المطالبة بإلغاء حرمان طالب أو طالبة بفعل تجاوز حدود الغياب المسموح به رغم المعرفة بأن التعليمات واضحة وقدمت حلول للطلبة في الأحوال العادية والاستثنائية الطارئة حفاظا على التحصيل العلمي وسمعة الجامعات، أو احتساب مادة مستثناة من قرار الناجح- راسب أو تضمين طلبة بقرارات صادرة إلى تعد بالتجريح والإساءة لوزارة التعليم العالي ولرؤساء الجامعات وعمداء الكليات نتيجة لقراراتهم وأعضاء هيئة التدريس نتيجة لحرصهم على الأداء وحرصهم على تقييم الطلبة بدقة وموضوعية وسعيهم لتقييم موضوعي يمنع ويحد من ظاهرة الغش.

إن أوامر الدفاع التي صدرت وتناولت التعليم في ظرف كورونا وقوانين وتعليمات الجامعات النافذة وقرارات مجالس العمداء وضعت لتحترم وجاءت لضمان أداء أكاديمي علمي من الطلبة في جميع الظروف والأحوال ويجب ألا تعدل أو تبدل أو تجمد هذه التعليمات لاعتبارات ظرفية وتحت وطأة أية ضغوط مهما كانت مبرراتها. لقد رفضت أعرق الجامعات العالمية وحتى الإقليمية أن تمس قوانينها وتعليماتها أو أن يتم التنازل عن معايير الكفاءة العلمية والأداء العلمي للطلبة بفعل ظرف كورونا ووضعت العديد من البدائل والخيارات أمام الطلبة للتعامل مع ظروفهم وأحوالهم وبما يحقق أداء أكاديميا نزيها للطلبة وبما يضمن سمعة علمية مرموقة للجامعات وبما يضمن أن من يتخرج في زمن وظرف الكورونا لن يقول مستواه العلمي والمهاري في تخصصه عمن تخرجا قبل الكورونا أو بعدها.

ولعل قرارا ناجحا- راسب دفع الطلبة لتقديم الحد الأدنى من الأداء والحد الأدنى من الدراسة والحد الأدنى من الجد والاجتهاد للوصول إلى علامة ناجح والتي قد لا تصل علامتها إلى 50 % من علامة المادة الدراسية. وهنا نقول أي تمكن علمي وأي تخصصية يمكن أن يصل إليها الطلبة في تخصصاتهم عند دراسة أغلب مواد خططهم بالحد الأدنى للنجاح وأي اكتساب للمعارف والمهارات التخصصية ببذل الطلبة للحد الأدنى من المتابعة والإتقان لموادهم وأي تخصصية بحد أدنى من المواظبة والحضور والاهتمام بما يتم تدريسه عن بعد!.
وما هو مستوى الثقة بتخصصية مهندس وصيدلي وفني مختبر وكيمائي وخطيب وواعظ ومعلم وممرض وغيرهم في بقية التخصصات وقد اجتازوا أكثر من نصف موادهم بالحد الأدنى من التحصيل العلمي وتخرجوا بتقارير وصلت للممتاز.
لقد كان بالإمكان أن نقرأ ونتابع قرارات الجامعات العالمية والإقليمية العريقة وكيف تعاملت مع ظرف الكورونا وانعكاساته على طلبتها لنحول تحدي الكورونا لفرصة تاريخية نصنع من خلاله جيل مثابر يجد ويجتهد ويتعلم مواجهة التحديات والظروف ويعتمد على ذاته وأن نقدم له العون في تجاوز الظروف المادية الفنية لصالح إتقان مواده، لقد كان من الأجدر أن نقدم الدعم الفني والإداري والنفسي للطلبة من خلال توفير النت المجاني وتوفير حواسيب وأجهزة لغير المقتدر وتوفير خدمات دعم إداري وفني عبر منصات فعالة تعمل لخدمة الطلبة على مدار الساعة دون المساس بتقييم الطلبة والدرجات ودون المساس بأي بعد يتعلق بالتحصيل وبما يؤثر على سمعة خريج الجامعات الأردنية أو سمعة الخريج وكفايته وتخصصينه التي بالتأكيد أصبحت الآن على المحك.

الآن وقد وصلنا إلى هذه المرحلة، وعلي فرض تجددت موجات وباء كورونا – لا قدر الله- وعدنا للإغلاقات واستمرار التعلم عن بعد، فإن الحاجة ماسة إلى إعادة النظر ببعض القرارات وفي شكل الاستجابة لرغبات الطلبة التي يجب أن تراعى بما يضمن تمكنهم من العلم والمعرفة واكتساب المهارات التخصصية باحتراف وبما يراعي ظروفهم وأحوالهم.

إن شكل استجابتنا لمطالب ورغبات الطلبة يجب أن تعمق لديهم ثقافة الجدارة والاستحقاق وثقافة الجد والاجتهاد وليس ثقافة الاستقواء والصوت العالي وجلد مؤسساتنا الوطنية عندما لا تصدر قراراتها بما لا يلبي مطالبهم ورغباتهم.

مواضيع ذات صلة