مسؤولية الأسرة تجاه الإساءة للطفل
د. ميسون فوزي العكروش، أ. د. محمد صايل الزيود
تعتبر طفولة الإنسان من المراحل المهمة التي حظيت باهتمام المجتمعات البشرية منذ اقدم العصور إلا أن هذا الاهتمام برز على نحو لافت في الزمن المعاصر من خلال توجيه الجهود بشكل علمي ومؤسسي ونظري وعملي إلى الطفل، حيث ظهرت النظريات والمبادئ والدراسات التي تناولت دراسة الطفل وخصائصه وحاجاته والنظر إليه نظرة تتسم بالشمولية والتكامل في جميع النواحي الجسمية والانفعالية والاجتماعية والعقلية. حيث ظهر اهتمام الأديان السماوية والدول والمؤسسات والهيئات بالطفولة وتطورها، كما ظهر العديد من الفلاسفة والمفكرين الذين أعطوا دراسة الطفولة كل اهتمام. ففي سياق اهتمام الأديان السماوية بالطفولة نجد اهتمام الإسلام الحنيف الشمولي بالطفولة كمرحلة هامة وحساسة من حياة الإنسان فيشير قول الرسول عليه الصلاة والسلام إلى حق الطفل في الرعاية والاهتمام من قبل أسرته من خلال قوله عليه السلام” اكرموا أولادكم واحسنوا أدبهم”(ابن ماجه)، و أكد الإسلام على حق الطفل في الحياة والبقاء يقول تعالى” ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم” (سورة الأنعام، من آية 51)، وعمق الإسلام حق الطفل في التسمية الحسنة فيقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام” إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فاحسنوا أسماءكم” (أبو داوود والترمذي)، كذلك أعطى الإسلام الطفل الحق في النفقة من والده، يقول تعالى(وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) (سورة البقرة، آيه، 233).
كما عمق الإسلام حق الأولاد في التربية الحسنة والإكرام لهم في المعاملة وفي هذا روى ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول عليه السلام قال: “أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم” (ابن ماجه).
ومن الفلاسفة الذين أعطوا الطفولة اهتمام كبير الفرنسي جان جاك روسو الذي أشار إلى ضرورة جعل الطفل مركز العملية التربوية من خلال الإيمان بالطفل وخصائصه وميوله وحاجاته الحاضرة ومصالحه (الشيباني، 1982). ويشير روسو كذلك إلى احترام الطفولة لدى الطفل بقوله” أحبو الطفولة، يسروا ألعابها ومسراتها وفطرتها المحبوبة، من منكم لم يأسف أحيانا على تلك السن التي لا تفارق الابتسامة فيها الشفتين والتي تكون فيها النفس في سلم وهدوء دائم؟ فلم تريدوا أن تحرموا هؤلاء الصغار الأبرياء من متعة تكاد من قصرها تفوتهم” (عبد الدايم، 1984). وعلى الرغم من هذا الاهتمام الذي حظيت به الطفولة من قبل مختلف الجهات وبكل مستوياتها نجد أن الطفل قد اصبح هدف توجهه إليه الإساءة بأنواع وصور شتى ولأسباب غير تربوية وغير أخلاقية. حيث ظهرت الإساءة ومحاربتها عندما قامت أم من نيروبي بشرط وجه ابنها بمشرط وقدمت بناءاً على فعلتها تلك إلى إحدى المحاكم في لندن، واعتبرت المحكمة أن فعلتها هذه إساءة للطفل لكنها لم تعاقبها، واكتفت بحرمانها من الإشراف على تربية أطفالها (فرح، 1999).
كذلك بدأت الأمم والشعوب والحكومات بإصدار القوانين والتشريعات التي تعمل على حماية الطفل وتكفل له النمو والتطور السليم، وقد تمثل ذلك في إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1924، والذي اعتمدته الجمعية العامة في 20 من تشرين الثاني 1959 والمعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث اشتمل هذا الإعلان على جميع الإجراءات التي تكفل حمايـة الطفل ورعايته وأخذ التدابير اللازمة لوقايته من أي إساءة قد يتعرض لها، وذلك من خلال المبادئ العشرة التي تؤيد حقوق الطفل في أن يستمتع بوقاية خاصة وأن تتاح له فرص وتسهيلات تؤدي إلى تنشئته على نحو يكفل له رعاية طبيعية وصحة كاملة في ظل الحرية والكرامة، وأن يكون له اسم وجنسية من وقت ولادته كما يكون له حق الاستمتاع بمزايا الأمن الاجتماعي، ويشمل ذلك التغذية الكاملة والمأوى والرياضة والخدمات الطبية وأن يمنح حق العلاج الخاص والتعليم والرعاية إذا أصيب بعجز، وأن ينشأ في جو من العطف والأمن برعاية والديه في نطاق مسؤوليتهما. وأن تتاح لـه الفرصة لكي يتعلم وأن يكون أول من يحصل على الوقاية والإغاثة في الأوقات التي تحدث فيها النكبات، وأن تتاح لـه الوقاية من كافة ضروب الإهمال والقسوة والاستغلال وكذلك من الأعمال التي ينجم عنها أي نوع من التمييز، ويبرز الإعلان أخيراً أن الواجب يقتضي تنشئة الطفل وفقا لروح التفاهم والصداقة بين الشعوب وتحقيق السلام والأخوة العالمية الشاملة (مرعي، 1985).
والإساءة إلى الطفل تشير إلى أنها إساءة معاملة الطفل بجميع أشكال الإساءة الجسدية و العاطفية والجنسية، والإهمال أو المعاملة بالإهمال، و الاستغلال بما في ذلك التجاري، مما يؤدي إلى أذى فعلي أو كامن لصحة الطفل، وبقائه، ونمائه وكرامته. ووصف كمب (Kemp,1962) ورد في Gervis, 2004)) مفهوم سوء معاملة الطفل على أنها إيقاع الأذى الخطير أو إصابات خطرة بالأطفال الصغار بواسطة الوالدين أو مقدمي الرعاية، وغالباً ما يَنتج عن هذه الإصابات كسور، وتجمعات دموية بالدماغ وإصابات متعددة في الأنسجة الرخوية، وعجز مستديم وحدوث وفاة. وأشار فونتانا (Fontana, 1964)، وردت في منصور ،2001) إلى مفهوم سوء معاملة الطفل في إطار “متلازمة إساءة المعاملة ” maltreatment Syndrome” ” بأنها تتضمن أسباباً أخرى هي الحرمان الانفعالي والإهمال وسوء التغذية (منصور، 2001). وأشارت منظمة الصحة العالمية ((World Health Organization “WHO”, 1999 إلى أن الإساءة للطفل تأخذ نوعين: الأفعال الظاهرة وهي أفعال العنف التي تقع على جسم الطفل باستخدام القوة، فتسبب إصابات مختلفة أو تقيد حرية الطفل رغما عنه، و الأفعال المبطنة تتضمن الإهمال وهو اعتداء غير محسوس لأنه لا يشمل الاعتداء باستخدام القوة، بل هو إلغاء لوجود الطفل. ويشير الأدب التربوي إلى وجود أشكال متعددة للإساءة كالإساءة الجسدية وهي الإساءة التي ينتج عنها أذى جسدي فعلي أو كامن، ومن المتوقع أن يكون تحت سيطرة الوالدين أو شخص ذي مسؤولية، أو ثقة أو سلطة، وقد تكون حادثة بعينها أو مكررة (WHO,1999). ويعد هذا النوع من الإساءة من أكثر أنواع الإساءة شيوعا وذلك بسبب سهولة اكتشاف وملاحظة أعراضه الظاهرية. وتظهر أشكال الإساءة في تعرض الطفل للحرق والضرب بأدوات حادة، وتظهر على شكل إصابات غير عرضية في الجسم، وإصابات الرأس والدماغ والنزيف، والكسور المتكررة للطفل، و عدم الاستمتاع باللعب وانعدام الثقة بالنفس، والابتعاد عن الآخرين والخوف من الكبار. أما الشكل الثاني من الإساءة فهو الجنسية: وهي عبارة عن توريط الطفل في نشاطات جنسية لا يستوعبها كليا، وغير مهيأ نمائيا لها وغير قادر على التعبير عن قبولها أو رفضها، وهي مخالفة للقوانين ومرفوضة ثقافيا واجتماعيا، وتحدث الإساءة الجنسية من خلال نشاطات جنسية من البالغ على الطفل أو من طفل آخر أكبر منه سنا، يكون مسؤولا عنه وموضع ثقته أو بيده السلطة، وقد يكون المسيء من عائلة المُساء إليه أو شخصاً معروفاً لديهم أو شخصاً غريباً، (WHO,1999). وتعتبر الإساءة الجنسية أشد الأنواع تأثيراً على الطفل وسبباً مباشراً في تدمير شخصيته وإصابته بالعديد من الأمراض النفسية والانحرافات المختلفة في فترات حياته المختلفة (رطروط، 2001).
أما النمط الثالث من الإساءة فهو الإساءة العاطفية وهي تشير إلى قصور راعي الطفل في توفير بيئة نمائية تشجيعية سليمة، يتوافر فيها وجود راع أساسي يرتبط به الطفل ارتباطاً عاطفياً لضمان نمو مستقر له ضمن علاقة مسؤولة أو ثقة أو سلطة، ويسمح للطفل بتطوير قدراته الاجتماعية والعاطفية التي تتفق مع قدراته الشخصية ومحيط البيئة التي يعيش فيها، ويؤدي هذا القصور إلى أذى في تطور الطفل الصحي، والجسدي، والعقلي، والعاطفي، والأخلاقي والاجتماعي. وتتضمن الإساءة العاطفية تقييد حرية الطفل، والتقليل من قيمته والإساءة لسمعته، وتحميله مسؤوليات ينوء بحملها، وتخويفه، وممارسة التمييز عليه وتهزئته، أو أي شكل من أشكال التعامل السيئ الذي يقوم على الكره والرفض (WHO,1999). وتعد الإساءة العاطفية من الإساءات الخطيرة التي يتعرض لها الطفل بسبب آثارها المباشرة على شخصيته وبسبب صعوبة تحديدها والكشف عنها وصعوبة معرفة أسبابها ونتيجة ارتباطها بأنماط أخرى من الإساءة كالإساءة الجسدية والجنسية والإهمال.
ويعتبر الإهمال النمط الرابع من الإساءة للطفل ويشير إلى إخفاق راعي الطفل في توفير الاحتياجات النمائية في مجالات الصحة، التعليم، التطور العاطفي، التغذية، المسكن، والظروف الحياتية الآمنة، في سياق القدرة على ذلك، مما يؤدي إلى حدوث أذى للطفل في صحته أو تطوره الجسدي والعقلي، والعاطفي، والأخلاقي، والاجتماعـي (WHO,1999). ويأخذ الإهمال أشكالاً عدة أبرزها:
1. الإهمال الجسدي: وهو عبارة عن إصابة الأطفال بمشاكل سوء التغذية والإصابة بالنحافة الشديدة والأمراض المزمنة.
2. إهمال العناية الطبية: وهو عدم العناية الطبية الدورية والروتينية لفحص الطفل أو إعطائه المطاعيم أو عدم العناية بأسنانه.
3. إهمال التعليم: وهو الفشل في عدم الوفاء باحتياجات الطفل التعليمية عن طريق عدم إلحاقه بالمدرسة لغايات تعلمه وتثقيفه.
4. الإهمال العاطفي: ويشير إلى الفشل في تقديم الأمان والحب والاستقرار للطفل بشكل يؤدي إلى فقدانه للإحساس بمكانته، ويسبب له شعورا بالنبذ وقد يأخذ التعبير عن هذه المواقف صورة عدم الرضا والغضب فيفقد الطفل القدرة على التفاعلات الاجتماعية السليمة وقد يتميز سلوكه وشخصيته باللامبالاة بمن حوله وعدم الاكتراث والانطواء (رطروط، 2001).
ويقف خلف أشكال الإساءة للطفل عوامل متعددة عملت الدراسات والأبحاث على كشفها، وإن كان تركيزها في البدايات على الآثار الجسمية الناتجة عن الإساءة، والنظر إلى الاضطرابات العقلية والنفسية عند الأفراد المسيئين كمسبب رئيسي لوقوعها. ففي ضوء الدراسات نجد أن هناك أسباباً عديدة تساهم في وقوع الإساءة، فهناك عوامل ترتبط بالأسرة من أم وأب واخوة أقارب وعوامل ترتبط بالظروف الاجتماعية، والثقافية، والبيئة الأسرية، و الاقتصادية وخاصة الفقر الذي يعتبر من الأسباب المسؤولة عن إساءة معاملة الأطفال، وذلك بسبب عدم القدرة على توفير أو تلبية الحاجات الأساسية للأفراد، والذي يترتب عليه نشوء صراع بين الزوجين يؤدي في النهاية إلى أن يُسقط أحد الأباء غضبه على أبنائه، فأكثر ألوان الإساءة وقوعاً ينجم في الغالب عن أسباب اقتصادية، خاصة الإساءة الجسدية والإهمال، فالمعدلات الأعلى للإساءة تحدث ضمن العائلات ذات الدخل المتدني. كذلك فان الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الآباء مثل الإنطوائية والاكتئاب تسهم في زيادة وقوع الإساءة على الأطفال (Walsh, 2002).
كما تسهم العوامل الاجتماعية والثقافية دورا في وقوع الإساءة حيث أبرزت الدراسات أن البيئة الفوضوية، المتمثلة بعدم وجود ضوابط أو قوانين في بيئة الطفل تلعب دورا هاما في إيقاع الإساءة عليه وخاصة الإساءة الجسدية. وتعتبر الضغوطات اليومية التي تتعرض لها الأسرة والعزلة وغياب الدعم الاجتماعي المقدم لها من المحيطين عوامل تسهم في زيادة احتمالية وقوع الإساءة بكافة أنواعها على الأطفال (العقرباوي، 2003). كما يُعتبر التفكك الأسري وفقد أحد الوالدين من العوامل المسببة لوقوع الإساءة، فعيش الطفل مع والد وحيد قد يؤدي إلى إيقاع الأذى عليه من قبل ذلك الوالد. كذلك فإن العزلة الاجتماعية تعزز فرص حدوث الإساءات الموجهة إلى الأطفال، فمعظم العائلات التي تحدث فيها الإساءة هي التي ليس لها جذور عائلية في بيئتها المباشرة حيث تفتقد هذه الأسرة إلى المساندة الضرورية في حال حدوث الصراعات والمشاكل. كذلك تسهم العلاقة بين الأزواج والزوجات في حدوث الإساءة للطفل، حيث يكون الأزواج غير مكتفين أو مقتنعين بعلاقتهم الزوجية مما يؤدي إلى جعلهم أكثر عدائية وعنفاً واقل دفئاً ودعماً لأطفالهم، ونتيجة هذه العلاقة فقد أشارت الدراسات إلى أن الأطفال الذين هم من عائلات تعاني من “خلافات زوجية صعبة” أو من عائلات تمارس “العقاب التأديبي القسري” يكونون أقل تشجيعاً ودعماً واقل تسامحاً بين بعضهم البعض. والعلاقة الممزقة ما بين الأبوين ليست وحدها السبب وراء الإساءة للطفل بل أن التمزق في جميع نواحي العلاقات الأسرية يعتبر عاملاً خطراً يكون ضحيته أكثر من فرد واحد (Panel, 1993).
وتعود الإساءة إلى أسباب تتعلق بالآباء كتدني المهارات الأبوية اللازمة للتفاعل مع الأطفال كالتحدث إليهم أو لمسهم برفق، فمهارات هؤلاء الآباء تتسم بالعنف والسلبية، وفي المقابل قد تكون الحماية الزائدة أو الضغط الشديد أحد الأسباب التي تجعل الأب عشوائياً في سلوكه. كما يعاني الآباء الأصغر سنا من صعوبة في تلبية احتياجات أطفالهم ولصغر سنهم قد يفتقدون الكثير من الخبرة في كيفية التعامل مع أطفالهم (Heidi, 2004). كذلك فإن إدمان الآباء على شرب الكحول أو المخدرات قد يكون من الأسباب المحتملة لسوء المعاملة داخل الأسرة، فالإدمان يؤدي إلى الكثير من المشاجرات العنيفة أو الضرب أو التحرشات الجنسية أو يقود إلى الإهمال. كذلك فان إصابة الآباء بأمراض نفسية أو عقلية وتدني مستواهم التعليمي يلعب دورا في إمكانية حدوث الإساءة للأطفال نتيجة الجهل وقلة المعرفة بأمور الطفل النمائية وخصائصه (رطروط، 2001).
وأظهر الأدب التربوي أنه يوجد خصائص محددة للأطفال المساء إليهم أدت إلى وقوع الإساءة عليهم ومنها: عمر الطفل فالأطفال من الولادة حتى سن 4 سنوات هم أكثر تعرضا للإساءة المباشرة، أما الأطفال الأصغر عمراً فهم عرضة للإهمال الجسدي، بينما يكون الأكبر عرضة للإهمال العاطفي أما المراهقون فيتعرضون أكثر للإساءة الجسدية فيما تبدأ الإساءة الجنسية على الأغلب من سن ثلاث سنوات فما فوق (العقرباوي، 2003). كما أن وجود إعاقة ما لدى الأطفال يعد عاملاً مشجعاً لوقوع الإساءة عليهم حيث يتعرض هؤلاء الأطفال نتيجة إصابتهم بإعاقة جسدية أو عقلية للإساءة وخاصة الإساءة الجسدية والإهمال، نتيجة عدم المعرفة في كيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال، فقد وجد بعض الباحثين أن التخلف العقلي من أهم العوامل التي تساعد على الإيذاء، ووجود هذا الطفل يشكل ضغطا غير طبيعي على الأسرة. كذلك فإن ترتيب الطفل في الأسرة يكون عاملاً مساهماً في وقوع الإساءة عليه، إذ أن الطفل الأصغر أو الأكبر أو الوحيد في الأسرة هو الأكثر عرضة للإيذاء والإساءة من قبل ذويه. كذلك فإن عامل التوقعات المعاكسة والذي يشير إلى أن الطفل الذي يولد دون رغبة من والديه أو نتيجة حمل غير مرغوب فيه لأسباب اقتصادية وأخرى حياتيه أو قانونية قد يكون أحد الأمور التي قد تهيئ لسوء المعاملة (رطروط، 2001).
تتجلى خطورة الإساءة للطفل في الآثار التي تتركها على شخصيته سواء كانت هذه الآثار مادية أو معنوية، حيث تترك الإساءة الجسدية آثاراً يستدل من خلالها على وقوع الإساءة الجسدية على الطفل منها: حروق، كدمات، آثار ربط بالسلاسل الحديدية، خدوش، كسور في العظم، عضات، كسور في الجمجمة، تشوه في جزء أو عضو في الجسم. كما تترك آثاراً نفسية تتجلى في الضغط النفسي والتوتر، والصداع، وأعراضَ أمراضٍ نفسية وجسدية، وأفكاراً متداخلة تظهر من لا شيء، و القيام بحركات عصبية بدون سبب ظاهر، و يظهر الطفل يقظةً كبيرة واستعداداً دائما للهجوم وخوفاً مفاجئاً من أن يلحق به أذى من أي شخص، ويصبح لديه أفكار تحرشية وسلوك عدائي دون تفكير، ويصعب السيطرة عليه، وأحلام وكوابيس عن مواقف وصدمات لأحداث الإساءة. كما يعاني من تأخر في التطور وتأخر في نمو العضلات الكبيرة والصغيرة (Heidi, 2004).
وتترك الإساءة القائمة على الإهمال آثاراً في غاية السلبية على شخصية الأطفال كعدم المبالاة في مرحلة الطفولة المبكرة، و عندما يكبرون يكونون كثيري الحركة ضعفاء التركيز، ولديهم قابلية ضعيفة للاهتمام بالآخرين. كما يظهرون تأخراً في التطور، وضعفاً في التحدث وفي القابلية للتعلم، وضعفاً في العلاقات الاجتماعية، وانخفاضاً في تقدير الذات، ومن الممكن أن يتوقف نموهم. كما تترك الإساءة الإنفعالية أو العاطفية للطفل آثاراً سلبية على الطفل أبرزها تأخرٌ في النمو العام، و تأخر في النمو اللغوي، و تأخرٌ في النمو العقلي، و تأخرٌ في النمو الاجتماعي، وتأخر في النمو السلوكي (العقرباوي، 2003).
إن أشكال الإساءة التي تنال من كرامة الطفل وحقوقه لا تزال موجودة بفعل غياب العوامل الكفيلة بتعزيز الفهم والإحترام من قبل مؤسسات المجتمع المختلفة وعلى رأسها الأسرة لحق الطفل في الحياة الحرة الكريمة.
- لا يجوز الاقتباس واعادة النشر للمحتوى المنشور إلا بموافقة رسمية من موقع شؤون تربوية.