مظاهر الأزمة الأخلاقية وسبل المواجهة
مظاهر الأزمة الأخلاقية وسبل المواجهة
الدكتورة رويده زهير العابد، أصول التربية، الأردن
الأخلاق والقيم الأخلاقية ثروة وطنية وانسانية لا تنازل عنها مهما تقدمت المجتمعات تقنيا وتكنولوجيا، فهي الموجه والضابط لمسيرة الانسان للمزيد من التقدم والتحضر والابداع في ميادين العلم والمعرفة. فالمجتمعات التي تسودها وتتأصل فيها القيم الأخلاقية تعد مؤشراً على رقي وتحضر هذه المجتمعات. فالقيم وسيلة فعالة لحماية الأفراد من الانحراف بكافة صوره واشكاله، ووسيلة يتم من خلالها توجيه الأفراد للتحلي بالآداب، والعمل المثمر المخلص، واحترام الآخر. وتسهم القيم الأخلاقية في تنشئة الأفراد بالصورةه التي يريدها المجتمع بثقافته وعاداته وتقاليده الاصيلة (الحريري، 2015). والمجتمع العربي كغيره من المجتمعات تعرض إلى تغيرات متلاحقة في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية، نتيجة لثورة المعلومات، وبالتالي شهد تغير في بنيته الفكرية والثقافية وبروز أزمة القيم الأخلاقية أو ما يسميه علماء الاجتماع بالصراع القيمي بين القيم الأصيلة التي استمدها الفرد بالتعليم من ألأباء وبين القيم الدخيلة من الثقافات الأخرى والتي تتعارض في اغلبها مع القيم الأصيلة في مضمونها، مما ينتج عن هذا التعارض ضياع للفرد وعدم المقدرة على التمييز بين ما هو صائب وما هو خاطئ وبالتالي خلل في المنظومة القيمية الأخلاقية والتناقض بالفكر والقول والسلوك (كشيك وجمل، 2010).
إن وجود الأزمة الأخلاقية أمر شائع في ظل التطور التكنولوجي الذي يحمل في جنباته الجانب الإيجابي والسلبي، فعدم وجود رقابة وتوجيه لاستخدام التكنولوجيا بطريقة سليمة وعقلانية وفق ضوابط وحدود أخلاقية ينجم عنه انحدار بالمنظومة القيمية الأخلاقية لدى الناشئة. ومن أبرز العوامل المؤثرة التي تقف خلف ذلك وسائل الإعلام باختلاف صورها، فالبرامج التي تبث عبر المحطات الفضائية تتضمن في طياتها الكثير من السلوكيات والقيم البعيدة عن الهوية الثقافية العربية، بالتالي تؤثر على تنشئة الأجيال وتربيتهم وتزداد الخطورة في تبني الأجيال للقيم المخالفة للهوية والثقافة العربية. كما أن أكثر ما يشكل خطراً على الأطفال هو مضامين البرامج الإعلامية والمسلسلات والأفلام الكرتونية والقصص والكتب التي تبث للناشئة العنف بجميع أشكاله، والتعصب، والعدوان، والقسوة، والكذب، والقتل، وعدم التسامح، والخيانة ( الحريري، 2015).
إن عماد نهضة الأمم وتقدمها ورقيها هو التمسك بالاخلاق والفضيلة التي تضبط السلوك وتضع الضوابط وترسم الحدود في العلاقات على نحو يمكن الانسان من العمل والانتاج والعيش بسمو وتهذيب، وهذا ما أكده عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه أحمد، وقوله تعالى ” وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيم “( القلم،4). ومن شأن ذلك تكمن الحلول التربوية لمواجهة الأزمة القيمية الأخلاقية من خلال تعزيز المنظومة القيمية الأخلاقية وحمايتها بممارسات أخلاقية سليمة تنشئ عليها الأجيال الصاعدة بحضور تربوي للاسرة والمدرسة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، وبذلك نصل إلى ممارسة الفضيلة و الأخلاق الرفعية، وهذا يتطلب دور ريادي لهذه لإيجاد شخصية إنسانية متوازنة ، في ضوء مرجعية تربوية واخلاقية توجه الناشئة للتعامل مع المستحدثات التكنولوجية بكل تحضر ورقي وسلوك اخلاقي قويم.
- لا يجوز الاقتباس واعادة النشر للمحتوى المنشور إلا بموافقة رسمية من موقع شؤون تربوية.